د.علي بن سعد الموسى * الوطن السعودية لا أحمل على الصعيد الشخصي وجهة نظر حول – السينما، ولا يعنيني إن صدر الفرمان الرسمي سواء بقفل إرهاصاتها التي ما زالت لدينا تحبو على اليدين أو حتى بفتح أبوابها أمام الجمهور. هذا جدل بيزنطي ساذج عقيم لمواطن مثلي يدير عبر جهاز الريموت 431 قناة فضائية من فوق بساط أريكتي المنزلية. هؤلاء – المتحذلقون – حول هذا الجدل السخيف يعيشون عصر القناة السعودية الأولى حين كانت وحدها توجه خيالات الجمهور، فقط ما بين الرابعة عصرا حتى الحادية عشرة مساء. هؤلاء الذين يتجادلون حول دخول السينما (إلينا) إنما يعيشون حقبة الخطوط السوداء والبيضاء التي كانت تحتكر الشاشة حين ينتهي البث الرسمي. اليوم، وناهيك عن مئات قنوات الفضاء، أستطيع بخمسة دولارات أن أتابع البث المباشر للفيلم الذي أريد عبر الشبكة من دار (أوديون) الشهيرة متزامنا مع ذات الجمهور المحتشد في صالة العرض في شارع برود واي بنيويورك. اليوم، وبألفي ريال فقط يستطيع الفرد أن يحول الشاشة الصغيرة إلى عرض جداري ضخم يفوق حجم شاشة السينما وباشتراك شهري يستطيع من بيته أن يشاهد آخر أفلام الشهر. الجدل حول السينما يبرهن أن العقل المحلي مصاب بمتلازمة إدراك وقصور ونمو طبيعي تجعله خلف العقل السوي بثلاثة عقود. مانشيتات الإعلام من حول هذا الجدل صالحة بامتياز لصحف الأول من يوليو من عام 1980، لا لصباح الأول من يوليو من عام 2009. والقصة الإعلامية في فيلم – مناحي – المثير للجدل هي قصة الإعلام الذي انساق وراء 30 شخصا وقفوا بحقهم الطبيعي في الاختلاف مع الفكرة ومع الفيلم وعارضوه بالمنشور والتحذير من ساحة صالة العرض، ولكن ذات الإعلام لم ينتبه أين تكمن القصة: القصة برمتها ليست في 30 معارضا لفكرة سينمائية يمارسون بالنظام حق الاحتجاج ولكن في 3000 فرد داخل الصالة يمارسون بالنظام حق المشاهدة والمتابعة. القصة أن التلفزيون بدأ في الأصل فكرة خبيثة مثلما كان جهاز الاستقبال الفضائي صدمة اجتماعية جماعية ومثلما كان الإنترنت قصة تحذير لجريمة ذات عواقب مذهلة. وكل الذين حذروا من المنتج الأخلاقي السالب لثقافة التلفزيون والدش والإنترنت يمتلكون كامل الحق في غياب الرشد والترشيد ولكن: من هو الذي سألهم كيف بلعوا مفردات التجريم والتحريم حين ركبوا بأنفسهم موجة التغيير وأصبحت هذه الأجهزة جزءا من أثاثهم المنزلي؟ هل ما زالوا يظنون أن السينما لم تدخل بعد إلى كل غرفنا المنزلية؟