«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور السينما.. الأغلبية ينتظرون قرار السماح من الأقلية !
محفزات التغيير الحالية تمنحنا فرصة التقدم دون عائق «الرجوع إلى الخلف»

يعيش المجتمع السعودي في الوقت الراهن انفتاحاً مسؤولاً تجاه الكثير من المعطيات والمتغيرات التي ساهمت في تطوره بعيداً عن النظرة التقليدية، ومن هذه المعطيات التي ينتظر إقرارها «السينما والمسرح»، حيث إن أغلبية المجتمع ينادي بهما منذ زمن بعيد، لاسيما أن البنية التحتية أصبحت جاهزة للتنفيذ، من خلال وجود مجمعات تجارية تضاهي نظيراتها في الدول المجاورة، وأندية ومراكز ثقافية واجتماعية، إلى جانب إحساس أفراد المجتمع بأهمية الترفيه و»التنفيس» من ضغوطات الحياة والعمل اليومي.
والمجتمع المحلي لا ينظر إلى وجود السينما على أنهاء اختلاط وانفتاح نحو الحرية المطلقة التي تؤدي بدورها إلى خلق الكثير من المشكلات وتسبب خللاً في المجتمع، حيث لم تعد الفكرة غريبة عليه، ولكن اللافت أن الأغلبية من المواطنين مازلوا ينتظرون قرار الأقلية للسماح بدورالسينما والمسرح، حيث لا تزال نظرة الأقلية تجاه السينما والمسرح محرمة تماماً، ولا يجب النقاش فيها، معتقدين أن السينما طريق للفساد، متجاهلين وجود القنوات الفضائية في كل منزل بالمملكة بعيداً عن أعين الرقيب، ومع ذلك لم يكن المجتمع فاسداً أو منحرفاً كما يتصورون.
وخير شاهد على تعطش المجتمع للسينما هو جسر مملكة البحرين الذي يقف شاهد عيان على مغادرة السعوديين إلى البحرين؛ من أجل مشاهدة السينما كجزء من أهداف أخرى للسفر، إلى جانب أن أغلبية طوابير الانتظار عند شباك تذاكر دور السينما في الدول العربية هم في الواقع سعوديون، ولذلك لن يكون وجود سينما ومسرح فاعلين طوال العام في المملكة مشكلة يصعب اتخاذ قرارها، كونها مطلبين حضاريين للمجتمع، ونقطة قوة لتحقيق إيرادات لبعض القطاعات مثل الأندية الأدبية والثقافية والأندية الرياضية.
«ندوة الثلاثاء» ناقشت آراء المشاركين حول إقرار السينما والمسرح في المملكة، وأسباب تأخر القرار، رغم حاجة المجتمع وتطوره وانفتاحه خلال هذه المرحلة، إلى جانب وجود أرضية خصبة للاستثمار في مجال السينما، بعيداً عن نظرة التشاؤم.
منع غير منطقي
في البداية أكد «الزامل» على أنه يجب فهم معنى كلمة سينما، وهي «صورة متحركة» وأي صورة متحركة يطلق عليها سينما، مشيراً إلى أن منع السينما في المملكة هو منع «غير منطقي»، بدليل إذا كانت السينما التي نتكلم عنها بلغتنا الأساسية أي الصور المتحركة فهي موجودة في بيوتنا عبر شاشات التلفاز وأجهزة الكمبيوتر عبر الشبكة العنكبوتية، وإذا كانت المشكلة في منع السينما لأنها في مكان يجتمع فيه الناس وقد يحدث أشياء تخدش الحياء في قاعة السينما -أقول قد-؛ فهذه ليست مشكلة السينما وإنما من يرتادها، ولكن مع الوقت يتحقق الوعي و»اتيكت» الدخول لمشاهدة السينما.
وقال من المؤسف أن من يرفض السينما قد اكتفى بالرفض دون توضيح الأسباب المقنعة للرفض، وأين تكمن المشكلة؟، ولم نعرف بعد هل الصور المتحركة حرام أم أن السينما هي الحرام؟، وهنا تكمن نقطة الاختلاف التي على أساسها نعرف نتناقش مع من يرفض، مشيراً إلى أن الكثير من مناشط التوعية الإسلامية بذاتها تحتاج لسينما مثل الأفلام الوثائقية عن مكة المكرمة وغيرها من الرسائل التي من خلالها إيصال رسالة صحيحة للعالم عن الإسلام.
وأضاف يجب علينا تحديد المنع من دخول السينما للمملكة هل هي الصور المتحركة وهي «موجودة في التلفاز والإنترنت، وغيرها وموجودة لدى الجهات الرسمية»، أم أن منعها كونها قاعات يجتمع فيها الذكور والإناث فهذه قضية أخرى، وإذا كان منع السينما تخوفا من دخول أفلام خادشة للحياء وخادشة للذوق العام فهذا يندرج تحت التعدي الأخلاقي وليس التعدي الصوري.
السينما في الأندية الأدبية
من جهته أيد «المليحان» ما تطرق له «الزامل» مستنداً إلى تجربة خاضها النادي الأدبي في المنطقة الشرقية في مسابقة الأفلام السعودية، حيث كانت امتدادا لاعتماد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- دخول السينما في الأندية الأدبية، ويستعان بها ضمن وسائل النادي التي من الممكن طرحها للجمهور، وكما يعرف الجميع بأن المكان الحالي للنادي غير مهيأ ولا يوجد به قاعة للسينما، ولكن كانت السينما ضمن برامج النادي نعرض من خلالها الأفلام الوثائقية والثقافية ووجدنا من تحاور معنا في هذا الجانب الخاص بالسينما وعرض الأفلام في النادي من بعض المشايخ وعلماء الدين وكذلك طلبة العلم وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأوضحنا لهم أثناء تواجدهم بالنادي بأنه من الأفضل للشاب أن يأتي لهذا المكان ليشاهد فلما هادفا ويستمع بعدها لنوع من الحوار الديني الجاد أفضل من تسكع البعض في الشوارع والأماكن العامة وممارسة السلوكيات الخاطئة، مثل التفحيط والمعاكسات وغيرها، فتوصلوا إلى قناعة بجدواها بعد مشاهدتهم لبعض الأفلام التي نعرضها، واستمر ذلك لفترة من الزمن، علماً أن الفلم وقبل عرضه على الجمهور تتم مشاهدته من قبل لجنة من أربعة أعضاء من جهات مختلفة وتكتب تقريرها عن مدى صلاحيته للعرض من عدمه، إلى جانب عدم وجود محاذير حول المضمون، وكان هناك تعاون مستمر مع جمعية الثقافة والفنون.
نجاح تجربة العروض السينمائية في مناسبات الأعياد تغري في اتخاذ القرار المنتظر
وقال بعد هذه التجربة تنامت لدينا مواهب كثير من الشباب ممن يقومون بتصوير أفلام قصيرة جداً ويشاركون في مسابقات خارج المملكة، حيث حصد البعض منهم جوائز في الإمارات والبحرين والكويت وغيرها، وبالتأكيد هذا الشاب الذي بدأ هذه التجربة من تصوير وسيناريو وإخراج (فلم قصير) يحتاج إلى من يحتويه داخل المملكة ويضع له الضوابط التي تخرج الفلم بصورة ممتازة تعكس الواقع الصحيح للمجتمع السعودي بكل قيمه وأخلاقياته وتمسكه بثوابت الشرعية، ولكن الخوف من عرض شبابنا لأفلامهم في الخارج بدون رقيب، إن البعض قد يسيء للمملكة أو لقيمها أو لجهة معينة لأنه شاب هاوٍ وهدفه فقط الظهور، وقد قام النادي وجمعية الثقافة والفنون بتبني فكرة مسابقة الأفلام السعودية التي أشاد بها العالم من خلال الإعلام المرائي والمقروء والمسموع وشارك في نقله قنوات أجنبية وعربية وكانت برعاية معالي وزير الثقافة والإعلام السابق الدكتور إياد مدني، ومع الظروف الأخيرة التي حصلت من خلال (فلم مناحي) ومنع السينما في المملكة تريثنا في الإقدام على هذا المشروع أو تنفيذه في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن السينما حق للمجتمع ولا يوجد ما يمنع وجودها بضوابط محددة.
ماذا تعني السينما للمجتمع؟
وفي وجهة نظر أخرى؛ طرح الشيخ «القحطاني» سؤالاً يرى أنه ملح، وهو: هل نحن بحاجة إلى السينما؟، وماذا تعني السينما للمجتمع؟، وهل هي مجرد عرض أفلام أم أن لها تبعات أخرى؟.
وقال: يجب النظر إلى السينما من جميع الجوانب إذا أردنا فعلا بأن نكون واقعيين، بالإضافة إلى النظر لها من جميع النواحي الأمنية والاجتماعية والدينية والثقافية، وعدم النظر فقط من زاوية معينة وتهميش باقي الزوايا التي تقودنا لنتخذ قرار الضد أو مع.
وأضاف -من وجهة نظره-: لو أردنا الحديث والتعريف عن السينما فقد نشأت في بلاد الغرب لحاجة، حيث إنهم مجتمع مادي ويبحثون عن الربحية بكل شيء، بالإضافة لكونها متنفس لهم لفقدانهم الروابط الاجتماعية والأسرية، فأسرهم لا تلتقي إلا لمشاهدة فلم، ونحن ولله الحمد نختلف اختلافاً كلياً عن هذا المجتمع كوننا مسلمين متكاتفين والروابط الاجتماعية والأسرية قوية لدينا، فقد لا نكون بحاجة لهذه السينما كحاجة الغرب لها!، ثانيا ماذا ستكون التبعات لهذه السينما؛ فليست مجرد عرض أفلام، بل سيكون هناك صالات عرض واستقدام أفلام لا تمثل قيمنا وأخلاقنا من الخارج وتلقنا ثقافات نحن لا نريدها، وسوف يتبع هذه السينما ممثلون وممثلات وأغانٍ موسيقية، وهنا نكون قد شرعنا في كسر ثوابت المجتمع!، وبالتالي سوف تتغير التركيبة الاجتماعية لدينا!.
وأشار إلى أن هناك بعض الأصوات تنادي بأن وجود السينما يحتوي فراغ الشباب، فأقول لهم بأن لدينا الكثير من المشاريع التي تجعل الشاب يستفيد من وقته بطريقة تنسجم مع تعاليم الإسلام، ومنها الأعمال التطوعية في العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية، والنوادي الرياضية والكثير من المشاريع التي تحفظ لنا شبابنا من الهاوية، فلماذا لا نسأل أنفسنا ماذا جلبت السينما للدول الإسلامية، وعلى سبيل المثال الدول العربية وغيرها، فماذا جلبت لنسائهم ورجالهم وشبابهم؟، فقد اهتزت الكثير من الثوابت الإسلامية في تلك الدول وسيطرت ثقافة الغرب عليهم في المأكل والمشرب والملبس وما خفي كان أعظم، فالموضوع كبير جداً ويحتاج للكثير من الدراسات والبحوث للخلوص لنتائج تحفظ لنا قيمنا وشريعتنا الإسلامية.
فيلم مناحي كشف عن تعطش الكثيرين لدور السينما في المملكة
واقع العولمة
وعقب الأستاذ «المقبل» على حديث الشيخ «القحطاني»، وقال:نحن جزء لا يتجزأ من العالم، وأصبحنا نعيش واقع العولمة وليس صحيحاً أن هناك مجتمعاً ما يستطيع أن يعزل نفسه عن واقع ثورة المعلومات وما تبثه القنوات الفضائية والشبكات العنكبوتية، ولذا المنع ليس حلاً مهما كانت المخاوف التي ذكرها «القحطاني»، وإنما الحل هو المشاركة في صناعة السينما والتصدي لهذه السلبيات بتقديم أفلام ثقافية وتعليمية ووثائقية تحكي حقيقة مجتمعنا الإسلامي المحافظ وتظهر للجميع جماليات ديننا الحنيف، وهذا التصدي للقنوات الخارجية سوف يجعلنا نحافظ على شبابنا من الجنسين لما تبثه القنوات الماجنة، وأصبحنا نعاني من تصرفات رجل كبار في السن مراهقين بسبب غياب الوعي وافتقادهم للتثقيف في ضل تكالب المغريات علينا والإفرازات الخطرة من العولمة، فإذا اردنا الحديث عن السينما وأهميتها في مجتمعنا لن نستطيع الجزم بحاجتنا من عدمها سواء بعد مشاركتنا للفئة المعنية والمستهدفة من إنشاء السينما وهم الشباب وأخذ أراهم بضرورة إنشاء سينما من عدمه، حيث سيأتي اليوم الذي سوف نشاهد السينما فيه في مجتمعنا شئنا أم أبينا شأنها شأن العديد من المتغيرات، مثل وجود أطباق الفضائيات وغيره، فأصبح لدينا قضية وهي كيفية التعامل مع المشكلة والبحث عن حلولها وكيفية التعامل مع الثقافة الواردة لنا من الخارج والداخل.
الرقابة والأمان
وأضاف لا يوجد تخوف من وجود السينما في مجتمعنا؛ فحالها ربما يكون أكثر رقابة وأمانا من ما يبث ويغزو أطفالنا ونساءنا بدون رقيب في البيوت، وخصوصا المراهقين من الجنسين، لذا يجب علينا جميعاً تحصين الأبناء من الدخيل بقيم الإسلام ومبادئه، فهذا هو الحصن المنيع لهم فكل ما كانت الأسرة مترابطة ومتكاتفة حول الأبناء وتعليمهم الصواب من الخطأ لن نجد مشكلة في وجود السينما في مجتمعنا التي ستضل وسيلة من وسائل المرئيات التي تستخدم في تثقيف الشعوب، ولكن المهم كيفية التعامل مع هذا الأمر الذي سوف يحدث يوما من الأيام.
مصدر التخوفات
وتساءل الشيخ «القحطاني»، هل هناك آلية يمكن تطبيقها واتباعها في المملكة تحافظ على القيم الإسلامية في ظل مطالبة الكثير بإنشاء دور للسينما؟.
فأجاب «الزامل» قائلاً: هذا سؤال مهم، ويهمنا في هذه الندوة معرفة التخوفات.. من ماذا تخاف الناس من وجود السينما؟، ونحن جميعنا لدينا هاجس الخوف على المجتمع وهدفنا واحد، فالشيخ «القحطاني» وغيره لديهم تخوف من شيء واحد وهو المشاكل التي ربما تحدث داخل القاعات السينمائية، ونحن نقول هل المنع مصدره القاعات أم السينما وما سيتم عرضه فيها؟، فإن كان المنع بسبب القاعات وجب علينا بحث حلول لها، وتحديد وتشخيص المشكلة كي نستطيع معالجتها، وإن كان الهدف هو نوعية الأفلام فالأمر مهم جداً فبعض القنوات الفضائية السعودية سببت لنا العديد من المشاكل والإحراج لبثها مواد وأفلام من خارج المملكة تسيء للذوق العام لعدم وجود رقابة عليها، وبالتالي التخوفات من السينما يجب أن نفندها ونبحث عن حلول لها ومعالجتها، ولكن الخوف الأكبر التغيرات في المجتمع، وحينما تحدثنا عن العولمة فلقد ظهر شيء جديد يطلق عليه اسم «انتكاسات العولمة»، حيث أصبح هناك تشرذم أكبر بعد العولمة حول «القوقعة» وقام كل الناس يرجعون مثلا قبل العولمة كان هناك «98» دولة حول الكرة الأرضية وبعد العولمة أصبح هنا «170» دولة، وظهرت العنصرية والقبلية فأصبح الناس يعيشون تفككا وتعصبا، إذا المجتمعات تشكل نفسها برغم كل التغيرات وهو حراك اجتماعي، فلو نظرنا للمجتمعات العربية التي فيها السينما لوجدنا الكثير من النساء خاصة الملتزمات بحجابهن الشرعي، وأصبح غير المسلمات يرتدين الحجاب كي لا يتعرضن للإيذاء رغم وجود السينما، ولنأخذ على سبيل المثل الجزائر التي لديها اكبر تعصب ديني نجد لديها المسارح والسينما، ونجدهم محافظين على الثوابت الشرعية، هنا يبقى أخطر شيء في موضوع السينما وهو «ما تمنعني عنه بغريزتي سوف اكتشفه»، والدليل على ذلك عدد شبابنا الذين يذهبون للبحرين لاكتشاف السينما وغيرها لرغبتهم الجامحة في الاكتشاف، ولكن من المؤسف أننا جعلنا من السينما «عفريت» خفنا منه.
وحول رؤية «القحطاني» حينما قال بأنه من المستحيل عرض فلم بدون نساء، رد «الزامل» قائلاً: أحب أؤكد لفضيلته بأنه من انجح الأفلام العالمية فلم لم تمثل فيه امرأة، بعنوان «المحارب رقم 13»، وتدور قصته عن ابن فضلان والذي أذهل العالم بأنه مسلم وأظهر الإسلام بأجمل حلة، وكان للسينما دور في تعريف شبابنا بشخصية إسلامية نادرة مثل ابن فضلان.
حددوا سبب المنع!
وأضاف «الزامل» إذا تم منع السينما دون إيضاح مبررات المنع وتفسيرها للعامة؛ فإن الناس سوف تبحث عنها وتذهب إليها في دول الجوار من باب حب الاكتشاف لأسباب المنع، لذلك يجب علينا تحديد المشكلة وتشخيصها هل هي بسبب «الفلم المتحرك» أم «القاعة» أم «الثقافة القادمة من الخارج»، ونحن في النهاية نختلف على شيء نحن متفقون عليه وسوف نكتشف بأن خوفنا جميعا من السينما واحد ويجب بأن نجلس مع بعض لدراسة أسباب الخوف والمنع.
ويؤكد «المليحان» بأنه مع حرية الاختيار لأي إنسان بالغ حر، وعن المخاوف فهي تحصل في أي جيل وأي مجتمع، وضرب مثالاً بمعارضة دخول الفتاة في السابق للمدارس حتى جاء قرار الملك فيصل -رحمه الله-، وكذلك المخاوف التي ظهرت بشأن الراديو والتلفزيون والدش وجوال الكاميرا كل ذلك لأن «الإنسان عدو ما يجهل».
السينما قادمة لا محالة
وقال أتفق مع الرأي الذي يقول إن السينما قادمة لا محالة، فيجب أن نهيئ أنفسنا ونحصن أولادنا وهذا أفضل لنا، فكثير ما يتردد التحصين والمنع في النت مثلا والمطالب بقفل بعض القنوات، وارى أن الغزو الفكري وصل إلى غرفة النوم، فالتحصين لا يأتي بالمنع والقطع والحجب في المواقع الالكترونية وإغلاق الفضائيات، وإذا كنا جادين في تحصين الشباب فيجب ان نحصنهم من الداخل في تربيتنا ومدارسنا وفي سلوكنا العام الذي قد يظهر بالسالب اذا ما قورن بدول قريبة، مشيراً إلى أن المسألة مسألة ثقافية مثلها مثل قيادة المرأة والسينما وعمل المرأة والانفتاح وهي -بحسب وصفه- آتية، ومن اجل حلها لابد من مناقشتها بشفافية ونقاش وسماع جميع الأطراف، فلا طائل من حجب الرأي الآخر، وان لا يكون هناك فئة رأيها هو السائد، فكثير من العائلات السعودية تذهب للبحرين لمشاهدة الأفلام بصحبة أبنائها، فهل انحرفوا؟..
وشدد «المليحان» على ترك حرية الاختيار للفرد؛ مع وضع ضوابط ثقافية مثل الكتاب الذي كان يمنع وتجده الآن على كثير من المواقع، وكذلك هناك كثير من القنوات فيها من العهر الشيء الكثير وتدخل المنازل، ويبقى الموضوع برمته مسألة اختيار فهناك منازل تضع قنوات محددة وبعضها يمنع حتى دخول التلفزيون وهذا يرجع لمسألة ثقافة المواطن ورب الأسرة والأم في المنزل.
«حوار ساخن» يبدد مبررات الخوف.. وينتصر للواقع
في ختام «الندوة» كان هناك حوار ساخن بين المشاركين حول تحديد سبب منع السينما في المملكة، وانتهى إلى أن الخوف لم يكن مبرراً..
في البداية قدّم الشيخ "القحطاني" -من وجهة نظره - بديل آخر عن السينما وهو الانترنت، حيث يوجد به الأفلام وكل مجالات الترفيه، مشيراً إلى أن حاجتنا للسينما في هذا الزمن غير حاجتنا في الزمن السابق، والدليل كنا نذهب زمان للسينما في ارامكو ونركز على أشياء معينة، فالحاجة للسينما في هذا الزمن غير حقيقية!، بالإضافة إلى أن الأشياء التي تأتي بعد عرض السينما، فهناك مشروع كامل ولابد لهذا المشروع من تخوف حتى لا نقع فيما وقع فيه الآخرون!.
وتداخل "الزامل" مع الشيخ "القحطاني"، قائلاً: إذاً اتضح لي أنك لست ضد السينما كمفهوم إنما أنت ضد القاعات وضد صناعة سينما داخل البلد من ممثلين وممثلات. ورد الشيخ "القحطاني" هناك شيء ثان وهو أن مشروع السينما الناجح يقوم على الرجل والمرأة، فهناك أفلام محتشمة تقدم حتى في أمريكا ولكن اغلب الأفلام تقوم على اللقطات الجنسية والجريمة. ويعقب "الزامل": إذا أوجدنا افلاماً خالية من الجنس والجريمة والموسيقى أو محذورٍ قد يهدم قيمنا الإسلامية فإنك حسب فهمي لا تمانع؟، ويرد "القحطاني" هذا مستحيل لأن الضوابط الشرعية ستكون قليلة في أي فيلم.
وتداخل «المقبل» بسؤال عن ماهو موجود في مركز الأمير سلطان للعلوم والتقنية "سايتك" هل هي سينما؟، رد الجميع نعم سينما، وقال: ان المشاهدة تقيس مدى الإعجاب بالفيلم حتى وان كان محتواه علمي بحت، فنحن لا نستطيع حماية الأسرة إذا كنا لا نملك ثقافة نابعة من قيمنا.
وقال "الزامل" اتفقنا ان السينما في "سايتك" مقبولة ورائعة وأهدافها علمية وتنويرية بامتياز، ولكن الشيخ "القحطاني" -حسب فهمي- ما زال متخوفاً هل نحتاج السينما أم لا؟، رغم أن السينما موجودة في البيت واتفقنا على نوعية من الأفلام، وهل من الأفضل ان يشاهد الأطفال الأفلام السينمائية مع العائلة أم لوحدهم؟.
وطالب "المقبل" بالرقابة المقننة من العائلة، وقال عملنا استبياناً في دار الملاحظة على 120 طالباً وجدنا 35% ممن يرغبون في قضاء وقت فراغهم في مشاهدة السينما. وتساءل الشيخ "القحطاني": هل السينما ستساعد على ترابط المجتمع؟.. وأجاب "الزامل" بأن هذا سؤال مهم، ولكن هل من الأفضل للبنت والولد مشاهدة فيلم لوحدهم أم مع العائلة؟، فأجابه "القحطاني".. بقوله: إذا نظرنا للسينما كمشروع وكثير من الشباب والشابات لا يرضون بالجلوس مع العوائل يحتاجون سينما تحاكي سنهم وهمومهم وطموحاتهم كنوع من الحرية، واذا قلنا سينما لابد من فتح الباب على مصراعيه وما يتبعها من مشاكل. ليختتم الزامل دفة الحوار الساخن قائلاًً: إننا إذا متفقون على وجود السينما شريطة وجود الضوابط كمثال الفيلم السينمائي "الطريق إلى مكة".
«موجة التشدد» في الثمانينات أغلقت أبواب السينما.. فهل نعيد فتحها ؟
كانت دور عرض الأفلام السينمائية في مدينة جدة وفي مدينة الطائف موجودة في السبعينات، كما أن السفارات الأجنبية في المملكة كانت أول من فتح أبوابها لمحبي السينما من أبناء الشعب السعودي.
ومن ضمن دور السينما "البدائية" التي كان يرتادها المواطنون في مدينة جدة والتي كانت شهيرة في ذلك الوقت هي سينما "باب شريف" الواقعة في أحد أقدم مناطق جدة، وسينما "أبو صفية" في حي الهنداوية.
وفي مدينة الطائف كان يوجد العديد من دور السينما التي لم تختلف عن مثيلاتها في جدة بكونها عبارة عن فناء واسع لأحد المنازل أو أرض فضاء يتم وضع بعض الكراسي وشاشة للعرض السينمائي فيها، ومن ضمن الدور التي كانت موجودة في مدينة الطائف في فترة السبعينات هي سينما نادي "عكاظ" الرياضي وسينما "الشيشة".
كما أنه كان في مدينة الطائف دار سينما حقيقية ومتكاملة تابعة للنادي العسكري في المدينة وكانت تعرض فيها الأفلام على جهاز عرض 8 مليمتر بعكس الدور "الأخرى" البدائية.
وفي مدينة الرياض كان هناك حي كامل هو "المربع" تنتشر فيه محلات تأجير الأفلام واجهزة العرض السينمائي لكل الناس، وكان باستطاعتهم استئجارها في أفراحهم ومناسباتهم الخاصة للجنسين، وكانت مشرعة بدون أدنى تحفظ.
وكان المجتمع السعودي آنذاك لا يرى ضرراً من وجود دور عرض الأفلام السينمائية، ومن بين المواقف التي أظهرت مدى تسامح المجتمع مع السينما هو موقف رجال هيئة الأمر بالمعروف النهي عن المنكر من الأفلام السينمائية، وكانت الهيئة تقوم بجولات تفتيشية على دور السينما للتأكد من خلو الأفلام من المقاطع الإباحية. وتم إنتاج أول فيلم سعودي بعنوان "اغتيال مدينة" في عام 1977 ميلادية والذي قام بإخراجه عبدالله المحيسن والذي تناول فيه قصة اغتيال مدينة بيروت والدمار الذي لحقها جراء الحرب، وتم عرض هذا الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي وحاز على جائزة "نيفرتيتي الذهبية" لأحسن فيلم قصير.
وبدأت السينما السعودية في الحبو في السبعينات وبمجرد ما أن أرادت الوقوف حتى أتت فترة الثمانينات والتي اغتيلت فيها أحلام السينما السعودية بفعل التغيرات الدينية والاجتماعية للسعودية والتي شهدت موجة عارمة من التشدد.
وتم إقفال دور العرض السينمائية في كل مدن المملكة وأقفلت السفارات أبوابها لأبناء المجتمع، وأصبحت حينها فكرة تصوير فيلم في نظر البعض "جريمة أخلاقية" لا يسامح عليها الإسلام.
وظلت السينما السعودية طوال هذه السنوات وإلى يومنا هذا عبارة عن أفلام قصيرة وتجارب فردية لا يوجد أي عائد مالي يذكر من ورائها، وكانت هذه هي إشكالية السينما السعودية.
ولكن فترة نهاية الثمانينات شهدت إنتاج فيلم فيديو تليفزيوني كان علامة بارزة في الإعلام السعودي، ألا وهو فيلم "حمود ومحيميد" الذي قام ببطولته كل من عبدالله السدحان وناصر القصبي والذي كان نقطة الانطلاق لهذين الشابين نحو النجومية. واليوم بدأت السينما السعودية بالعودة المتواضعة من خلال أعمال عديدة فردية وقصيرة، ولعل من أهم الأفلام القصيرة التي أنتجت حالياً هو فيلم المخرجة السعودية هيفاء المنصور "من؟" الذي أخرجته في عام 2003م وفلم "مناحي" العام الماضي 2009م الذي كان نقطة تحول جديدة في منع السينما بالمملكة.
وتوالت الأفلام القصيرة بعدها حتى بلغ عددها مابين ثلاثين إلى خمسين فيلماً أنتجت في العام 2007م.
ومر الذوق السعودي في مشاهدة الأفلام كذلك بعدة مراحل إذ كان الشباب يميل بصورة كبيرة إلى الأفلام البوليسية والروائية وأفلام الجاسوسية في السبعينات على عكس الوقت الحالي الذي يميل فيه الشباب السعودي إلى مشاهدة أفلام العنف والإثارة.
وامتد تاريخ السينما في المملكة حتى أقيمت مسابقة الأفلام السعودية تحت رعاية النادي الأدبي للمنطقة الشرقية، ثم عادت السينما في المملكة محل الجدل إذ ازداد ذلك مؤخراً بعد فيلم مناحي الذي عرض في الرياض والطائف وجدة وصاحبته معارضة قوية ويأتي هذا القرار بعد أن قامت صحيفة محلية باستفتاء على تأييد الشارع لدور السينما، حيث كانت الغالبية ترفض فتح صالات السينما في المملكة.
نجيب الزامل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.