في البدء لابد أن نشيد بالنظام القضائي في بلادنا خاصة وأنه يستند إلى مرجعية دينية نتفق جميعا عليها، ويمر دائما بمراجعة وتطوير دائمين ولكن ما لفت نظري الأسبوع الماضي خبران نشرا في صحفنا المحلية هما: أصدرت المحكمة العامة في بيشة حكماً بالسجن لمدة ست سنوات وأربعة آلاف جلدة على شخصين إثر سرقة خروفين من إحدى الحظائر ليكون نصيب كل منهما ثلاث سنوات وألف جلدة موزعة على أربع فترات يفصل بين كل فترة والأخرى خمسة عشر يوما، وتحتسب مدة السجن من تاريخ إيقاف المتهمين على ذمة القضية. **** أصدرت المحكمة العامة في نجران حكما لمدة سنة وستة أشهر ومائتي جلدة لقاتل زوجته ضربا. **** الخبر الأول نشر بجريدة عكاظ الصفحة الأخيرة،والثاني نشر بجريدة المدينة الصفحة الاولى، وفي نفس اليوم،ومن يريد مقارنة العقوبة في الفعلين لن يستطيع معرفة المعايير التي انطلق كل قاض منها لمثل هذين الحكمين، فسرقة خروفين – خروف لكل مدان – يؤدي إلى السجن لثلاث سنوات مع ألفي جلدة، بينما من قتل زوجته ضربا لم تكن عقوبته سوى سنة وستة أشهر ومائتين جلدة. تكفي المقارنة إلى هنا لنعرج إلى الحديث عن ظاهرة بعض الأحكام التعزيرية، ففي الفترة الماضية أخذت هذه الأحكام تظهر على صفحات الجرائد بحيث ذهب بعضها الى تجاوز أحكام الحدود،وإذا كان الشرع قد سن أحكاما وعقوبات قصوى لم تصل عقوبتها لما نلحظه من أحكام تعزيرية ليصبح معها السؤال على أي معيار تؤخذ أو تسن تلك العقوبات ؟. لا يحدث هذا التفاوت التعزيري في الجريمة المختلفة الأركان بل يحدث أيضا في الجريمة الواحدة والمتماثلة، حيث نجد أن قاضيا حكم بكذا بينما قاض في مدينة أخرى حكم بكذا، وهذا يدعو للتساؤل. وقبل فترة زمنية تقدر بالعام ومع التطوير الذي طال القضاء سمعنا أن ثمة مراجعات ستحدث في جانب الأحكام التعزيرية ومنها إيجاد المعايير التي تمكن قضاة البلد – في أي رقعة كان بها القاضي – من توحيد الأحكام القضائية وفق معايير مكتوبة. وإلى أن تصدر تلك المعايير كنت أتمنى لو أن كل حكم تعزيري صدر ترفق به الحيثيات القضائية كي لا نطلق التساؤلات إزاء كل حكم صادر.