الثروة الأثرية والتراثية التي تزخر بها المملكة العربية السعودية ما زالت مغيبة عن ذهنية المواطن السعودي واهتماماته، ولا يزال البعد الحضاري للمملكة لم يتضح للمجتمع السعودي وكذلك المجتمع الدولي كما يجب. فالمملكة ليست دولة طارئة على التاريخ، وإنما تمثل امتداداً لإرث حضاري عميق بصفتها وريثة لسلسلة من الحضارات التي توّجها الإسلام؛ إلا أن العناية بالبعد الحضاري في المملكة العربية السعودية بمكوناته المختلفة، غير معروف بصورة كبيرة خارج دائرة ضيقة من المختصين، ويعد الوقت الحاضر هو الوقت المناسب لتحديد هذا البعد وتقديمه للعالم، حيث تضطلع المملكة العربية السعودية حالياً بدور متزايد الأهمية بين الأمم في الشؤون الدينية والاقتصادية والسياسية، فمن الضروري كذلك أنْ نُقرَّ كأمةٍ بمسؤولياتنا بصفتنا أمناء على دين عظيم ، وحضارة عميقة أنتجا تراثاً مادياً ثرياً. برامج الهيئة إن الهيئة العامة للسياحة والآثار تهدف من كل البرامج والمشروعات التي تتضمنها الحملة إلى تحقيق النقلة المنشودة تجاه معرفة المواطنين بتراثهم الوطني، وتفاعلهم معه، وإدراك أهميته، والاعتزاز بمكوناته، والمبادرة إلى حمايته والحفاظ عليه من العبث أو السرقة أو الهدم والإزالة؛ ليكون المواطن هو الحامي الأول لآثار بلاده والمنافح عنها لإدراكه العميق والمتجذر أن المساس بها يعد تطاولاً على مكتسباته الحضارية، وتعدياً على هويته الوطنية. ولا شك أن تحقيق أهداف الحملة يتطلب صهر الجهود الجماعية في بوتقة الفريق الواحد لتنفيذ هذه المهمة الوطنية التي لا تختص بجهة معينة بقدر ما تعني كل من يعيش على هذه الأرض المباركة، سواء كانت جهات حكومية، أو مؤسسات وشركات أهلية، أو وسائل إعلامية، أو كتاب، أو مفكرين، أو علماء، أو مواطنين. السعودية .. ملتقى الحضارات منح الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية دوراً مهماً لها منذ فجر التاريخ، حيث تتوسط المملكة حضارات الصين والهند والحبشة وساحل الخليج العربي والبحر الأحمر والعراق والشام ومصر، كما أنها كانت ممراً تجارياً مهماً وطريقاً للقوافل، وهو ما جعلها ملتقى للحضارات. وكانت أرض المملكة موطناً للعديد من الحضارات التي ازدهرت داخل حدودها، ومنها حضارات المقر، ومدين، وعاد، وثمود، ودلمون، إضافة إلى الممالك العربية التي نشأت في أماكن مختلفة من شبه الجزيرة العربية على امتداد طرق القوافل التجارية، وكانت بداية ظهورها في الشمال الغربي من الجزيرة في الألف الثاني قبل الميلاد. تؤكد الاكتشافات الأثرية وجود مستوطنات العصر الحجري القديم في الجزيرة العربية منذ مليون سنة قبل الميلاد، مثل موقع الشويحطية بشمال المملكة، كما عثر على دلائل لمستوطنات أخرى تعود للعصر الحجري المتوسط (50000) سنة قبل الميلاد في مواقع عدة منها (بئر حما) بمنطقة نجران. وقد أثبتت المواقع المكتشفة أن الاستيطان البشري لم يقتصر على منطقة بعينها في المملكة العربية السعودية خلال العصر الموستيري، بل كانت في معظم أنحاء المملكة، حيث تم اكتشاف العديد من المواقع، ومنها واحة "يبرين" الطبيعية التي يرجع تاريخها إلى (30000) سنة قبل الميلاد، إضافة إلى استمرار الاستيطان في العصر الحجري الحديث (10000) سنة قبل الميلاد، ودليل ذلك موقع الثمامة في الرياض. اهتمام الدولة بالآثار أدركت الدولة – رعاها الله – أهمية الحفاظ على مكتسباتنا الأثرية والتراثية والعناية بها، وإبرازها والاعتزاز بها، فصدر عدد من القرارات المهمة في هذا الجانب، ومنها : - رعاية خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله - لمعرض روائع آثار المملكة والموافقة السامية على زيارته للعواصم الأوروبية وبعض المدن الأمريكية. - صدور الأمر السامي الكريم في عام 1429ه بحصر الآثار الإسلامية في مكةالمكرمة والمدينة المنورة وحفظها. - صدور توجيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز – رحمه الله - في عام 1426ه والقاضي بعدم إزالة أي مبان تراثية قبل التنسيق مع الهيئة. - توجيه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أمراء المناطق عام 1425ه بعدم الإذن لأي شخص أو جهة كانت بالقيام بأعمال الحفر قرب مواقع الآثار قبل التنسيق مع الهيئة ووكالة الآثار. - توجيهات سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في عامي 1423 ه و 1432ه بعدم إزالة أي مبنى تراثي إلا بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، للتأكد من أهميته التاريخية والعمرانية والإبلاغ عن أية تعديات أو إزالة للمباني التراثية. - تعميم صدر عام 1424ه من سمو وزير الشؤون البلدية والقروية بعدم إزالة المباني الآيلة للسقوط قبل التأكد من أنها ليست ضمن قائمة المواقع المهمة من الناحيتين التراثية والسياحية. القضايا من أهم القضايا التي تناقشها الحملة الوطنية لتعزيز البعد الحضاري وتهتم بمعالجتها: - القصور في المعرفة بالتراث الوطني وأهميته ،تعزيز النظرة الإيجابية تجاه الآثار والتراث العمراني ، حماية الآثار والتراث العمراني من:السرقة ، التهريب والاتجار غير المشروع ،التعديات ،الهدم والإزالة. - زيادة وعي بعض الأجهزة الحكومية والأهلية المعنية بأهمية التراث الوطني. – سبل معالجة ضعف الثقافة المتحفية وعدم الإقبال على زيارة المتاحف. – ضعف الاستثمار في مواقع التراث العمراني ومبانيه والمتاحف الخاصة. تغيير النظرة السلبية نحو الآثار ،إبراز مكانة الآثار وأهميتها ،ترسيخ مفاهيم المحافظة على التراث الوطني وموارده ،غرس الثقافة المتحفية وتنميتها ، تحفيز الاستثمار في التراث العمراني والحرف اليدوية والمتاحف والمواقع الأثرية ،تحقيق نقلة نوعية في مفهوم التراث الوطني. الجمهور المستهدف أولاً - المجتمع المحلي، ويشمل الأسر قطاعات التعليم العام والعالي ،شريحة الأطفال ،شريحة الشباب ،سكان المناطق القريبة من المواقع الأثرية والتراثية ،صناع القرار، النخب الفكرية والثقافية ، كافة سكان المملكة من المواطنين والمقيمين. ثانياً - المجتمع الدولي الرسائل الإعلامية، الرسائل الإعلامية المتعلقة بالآثار ،للآثار مكانة عالمية حضارية ،العناية بالآثار تدل على رقي المجتمع ،الآثار شواهد ثقافية ومصدر للعلم والمعرفة ،الآثار أصالة وتراث ثقافي وموروث إنساني ،الآثار محمية بالإرادة الوطنية ،الآثار مطلب وطني يعزز الاستثمار المستديم ،الآثار ثروة وطنية ،آثار المملكة مصدر لزيادة الدخل الوطني ،الآثار تنمي الوعي الوطني وتعزز الشعور بالانتماء. ثانياً – الرسائل الإعلامية المتعلقة بالتراث العمراني: التراث العمراني موروث الأجداد ،العودة إلى التراث العمراني دليل رقي المجتمع ،التراث العمراني مسؤولية الجميع. ،التراث العمراني فرصة تنموية حقيقية ،التراث العمراني فوائد وعوائد. ،تراثنا العمراني شاهد على وحدتنا الوطنية . ثالثاً – الرسائل الإعلامية المتعلقة بالمتاحف :المتحف وسيلة لربط المواطن بتاريخ وطنه وتراثه ،المتحف وسيلة اتصال حضارية وتعليمية ،المتحف وسيلة للتواصل مع التاريخ واستشراف المستقبل ،الاستثمار في المتاحف يخدم المجتمع المحلي ، المتاحف معالم حضارية شاهدة على تراث مختلف مناطق المملكة. رابعاً – الرسائل الإعلامية المتعلقة بالحرف والصناعات التقليدية: نعتز بحرفنا التقليدية ،حرفة في اليد أمان من الفقر ،الحرفة استثمار ،حرفة جدي حرفتي. البرامج والمشاريع تسعى الحملة الوطنية لتعزيز البعد الحضاري إلى توظيف كافة الوسائل الإعلامية والبرامج المجتمعية التي من شأنها تحقيق أهداف الحملة، ومنها: مطبوعات الهيئة: تكثيف النشر حول مجالات البعد الحضاري في مختلف مطبوعات الهيئة، سواء المطبوعات الدورية التي تصدر عن الهيئة باللغتين العربية والإنجليزية، مثل: مجلة ترحال، ومجلة السائح السعوديSaudi Voyager ، ونشرة السياحة والآثار السعودية، أو إصدار مطبوعات تعريفية بالمواقع الأثرية والتراثية والمناسبات المختلفة. - الإنتاج التلفزيوني: إنتاج عدد من الحلقات الخاصة عن الآثار والتراث والمتاحف والحرف التقليدية في برنامج (سياحة سعودية) الذي يبث عبر قنوات التلفزيون السعودي ،إنتاج عدد من الومضات الإعلامية التوعوية والتعريفية التي تسعى إلى زيادة الوعي واستشعار حس المسؤولية تجاه التراث الوطني ،إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية عن بعض المواقع الأثرية والتراثية التي تزخر بها المملكة ،إنتاج مسلسل كرتوني يستهدف تعريف الأطفال بتراث بلادهم ومواقعها الأثرية.