في تطور مثير لفضيحة (النفقات)، التي هزت الحكومة البريطانية، قدم أول وزير مسلم في المملكة المتحدة، وهو وزير الدولة لشؤون العدل، شهيد مالك، استقالته الجمعة، بعد اتهامه بأنه دفع ايجاراً لمنزله أقل من القيمة المتعارف عليها في السوق، وهو الأمر الذي نفاه مالك تماماً. وطلبت السلطات البريطانية من السير فيليب موير بحسب تقرير لشبكة سي إن إن الإخبارية، المستشار الرسمي بشؤون الوزارات، التحقيق في اتهامات أوردتها صحيفة "ديلي تليغراف"، بأن مالك حصل على إيجار مخفض، وما إذا كان يشكل خرقاً للقانون، إلا أن الوزير المستقيل أكد أنه "ملتزم بالقانون مليون في المائة"، واصفاً تقرير الصحيفة بأنها "لا أساس لها من الصحة". جاءت استقالة مالك بعد نحو يومين على الاعتذار الذي تقدم به رئيس الوزراء، غوردون براون، بعد كشف الصحيفة البريطانية عن كيفية استغلال بعض أعضاء البرلمان والحكومة لنظام "استعادة نفقات"، في خطوة هزت بعنف الثقة في سلطة الحكومة والبرلمان، وتدني شعبية "حزب العمال" الحاكم. ومن جانبه أقر زعيم حزب المحافظين المعارض، ديفيد كاميرون، والذي يتوقع فوزه بهامش كبير في الانتخابات العامة المقبلة، بضرورة اعتذار كافة نواب البرلمان وتغير النظام بأكمله. وتفجرت الفضيحة إثر نشر صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، صوراً لكافة فواتير نفقات أعضاء البرلمان، ويتوقع نشرها خلال الشهرين المقبلين، بموجب قانون حرية المعلومات. وخصصت الصحيفة عدداً من صفحاتها يومياً لكشف تفاصيل كيفية تبديد أموال دافعي الضرائب، واستغلال" النظام، تحت مسمى "استعادة نفقات" المخصص لتعويض أعضاء الحكومة والنواب عن نفقات تتعلق بأداء مهامهم الحكومية، منها نفقات لشراء وسائد حريرية، وأجهزة تلفاز وأخرى لتشذيب الحدائق، وطعام كلاب. واعتذر براون، في كلمة أدلى بها أثناء زيارته للكلية الملكية للتمريض في هاروغيت في يوركشير، قائلاً: "كما أن لكم معايير سامية في مهنتكم، علينا أن نظهر أن مهنتنا كذلك لها مثل المعايير." وقال إنه "ينبغي استعادة ثقة الشعب فوراً.. أعتذر عن كافة السياسيين، وكافة الأحزاب، عن ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية." وكسائر العديد من دول العالم، تقدم الحكومة البريطانية علاوات سكن لنواب البرلمان، في مناطق إقامتهم الأصلية التي يمثلونها في البرلمان، بالإضافة إلى سكن آخر في العاصمة، حيث مقر المجلس. وتابعت الصحيفة هجومها: "علاوة النفقات الإضافية هذه صممت لمساعدتهم (النواب) في ملاقاة التكاليف الإضافية للإقامة في بيت ثان، إلا أنه وبإجماع مشترك، تم استغلال النظام." وأضافت: "نتحدث عن استغلال متعمد لنظام يفتقد الرقابة، بواسطة عدد كبير من النواب، لما قد يبدو للناخبين ما يشبه عملية إثراء لأنفسهم بفساد وعلى حساب الشعب." ومن بين التسريبات التي نقلتها الصحيفة، مطالبة رئيس المجلس لنفقات بلغت 4 آلاف جنيه إسترليني عن استخدامه وزوجته سيارات الأجرة في رحلات تسوق، بالإضافة إلى إنفاقه 150 ألف جنيه إسترليني، من أموال دافعي الضرائب، في التنقلات إلى المحكمة العليا لمحاولة منع الكشف عن كيفية إنفاق النواب لأموال الشعب. ودفع الكشف المواطنين للمطالبة بتبرير مطالبة النواب بعلاوة طعام، تصل إلى نحو 400 جنيه إسترليني شهرياً، فيما يتمتعون بوجبات من مطاعم مدعومة من قبل الحكومة، في وقت يعاني فيه الشعب من ضائقة حادة جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة. وأظهر استطلاع للرأي حديث تراجع شعبية "حزب العمال" بأربعة نقاط، عن معدلات مطلع إبريل/نيسان المنصرم، إلى 26 في المائة، أعلى بقليل عن أدنى مستويات الصيف الفائت.