نظرة خاطفة إلى بعض الصفحات "المضيئة" من "الكتاب الأخضر" الذي "ألفه" العقيد معمر القذافي عام 1975، تختصر سيرة رجل استولى على السلطة بانقلاب عسكريّ سمّاه "ثورة"، واستمرّت "الثورة" هذه 42 عاماً، وهي تكاد تكون في نزعها الأخير الآن، بعدما ثار الشعب الليبي عليها. ويعرض القذافي في "كتابه الأخضر" أفكاره حول أنظمة الحكم وتعليقاته حول التجارب الإنسانية كالإشتراكية والحرية والديمقراطية، ويتكون الكتاب الاخضر من ثلاثة فصول: الفصل الاول: الركن السياسي ويتناول فيه مشاكل السياسة والسلطة في المجتمع. الفصل الثاني :الركن الاقتصادي فيه حلول المشاكل الاقتصادية التاريخية بين العامل ورب العمل. الفصل الثالث :الركن الاجتماعي وفيه طروحات عن الاسرة والام والطفل والمراة والثقافة والفنون. يتمحور "الكتاب الأخضر"، الذي وصفه الكاتب البريطاني روبيرت فيسك بأنه "يتخطى سقف العقل"، حول شخصية "القائد" الملهم، ملك ملوك أفريقيا. ولم تغيّر الثورة الشعبية في ليبيا من شخصية القذافي ولم تجعله يتواضع أو يتراجع قيد شعرة عن غروره وجنون العظمة الذي يسيطر عليه؛ فهو حين ظهر على شاشة التلفزيون الحكومي يوم الثلاثاء ليدين الثوار ويصفهم ب "الجرذان" و "المرتزقة"، اختصر بشخصه تاريخ ليبيا وقبائلها ونسائها ورجالها وشيبها وشبابها وشهدائها. ويُعدّ هذا السفر الجليل بمثابة كتاب مقدّس في نظر صاحبه. ويقول القذافي إنّ الكتاب هو "النظرية العالمية الثالثة". ولا بدّ أن كارل ماركس وآدم سميث يتقلبّان في قبريهما بعد هذا القول. يقبع العقيد القذافي الآن في مخبئه مثل ذئب جريح في "باب العزيزية" المحصنة ضدّ القصف النووي، بينما تنهال عليه قهقهات السخرية من كلّ أطراف الدنيا! الصورة المرفقة من الكتاب الأخضر تتناول آراء العقيد القذافي في ما سمّاه "الركن الاجتماعي للنظرية العالمية الثالثة".