أعادت حملة لمحو الأمية انطلقت مؤخرا في قرية (آل صلاح) قبل نحو شهرين (منذ يناير 2010)؛ عديدا من المسنين إلى مقاعد الدراسة، فجمعت بين الأب وابنه على مقعد دراسة واحد، بهدف "محو أميتنا وتعلم مفاهيم الإسلام وقيمه"، بحسب أحدهم. وخرجت الحملة بعديد من المواقف والمفاجآت التي فجرها الدارسون، الذين تراوحت أعمارهم بين 44 و88 عاما، وتنوّعت هذه المواقف بين عدم معرفة بعضهم بكيفية الاغتسال من الجنابة, وإدخال سورة الناس على أنها جزء من سورة الفاتحة، معتبرين أنفسهم أنهم في الطريق الصحيح. وتعدّ الحملة هي الثالثة على مستوى المملكة، التي أقرتها الوزارة مؤخرا، ووفّرت فيها جميع المرافق التي تحتاج إليها من المباني المدرسية والتجهيزات التعليمية، إضافة إلى توفير المعلمين والأخصائيين الاجتماعيين. وفي جولة ل (عناوين) على أحد المراكز، التقت حمدان العاصمي (88 عاما)، وكان برفقة 7 أشخاص يتحلقون في نصف دائرة حول معلمهم، وكان منهمكا في قراءة إحدى قصار السور محاولا أن يحفظها بترديدها, ويقول: "أعيش الآن على الكفاف, ولا أريد شيئا من الدنيا، سوى معرفة أمور ديني وسور القرآن الكريم". وإذا كان العاصمي فاته قطار التعليم واستطاع أن يلحق به في أواخر عمره، فإن ابنه محمد الذي لم يتجاوز 17 عاما, يجلس بجواره في الحلقة، وتبدو عليه علامات الندم حين يروي قصته, فيقول: "هربت من المدرسة وأنا صغير, فلم أعد إليها, وتسبّبت في عقدة لي طوال أعوام، حتى جاء برنامج محو الأمية فانتهزت الفرصة والتحقت به". أما مرزوق بن علي الصلاحي (87 عاما), فيؤكد أن سبب انضمامه إلى البرنامج هو البحث عن العلم في هذه السن، مشيرا إلى أنه علم قيمته متأخرا, "فقد كنا نخوض الصحارى والجبال بحثا عن لقمة العيش ولم يكن هناك متسع من الوقت للتعليم". وأوضح المعلم خليل عبد ربه, أنه لم يتقيّد بالمنهج الدراسي في تعليمه المسنين حتى يستطيع تعليمهم ما ينفعهم، وقال: "ركزنا على تحفيظهم القرآن الكريم وبعض الحروف"، ولفت إلى أنهم يسعون إلى الجودة في عملهم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن عددا من الدارسين يتجاوز عمرهم 60 عاما، ويقول: "مكث بعضهم طوال عمره إلى ما قبل انطلاق الحملة لا يعرف كيف يغتسل من (الجنابة) بالشكل الصحيح". من جانبه، أوضح مدير التربية والتعليم في الليث مرعي البركاتي, أن الحملة "تأتي في إطار جهود الوزارة في القضاء على الأمية في المجتمع ونشر المعرفة والتعليم في جميع القرى والهجر التي تتبع المحافظة، وفق منظومة من البرامج والفعاليات التعليمية؛ بهدف الوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين". وذهب المدير التنفيذي للحملة مدة بن علي الثعلبي, إلى أن "الحملة شهدت إقبالا منقطع النظير من قبل الأهالي للتسجيل فيها والانخراط في برامجها"، وذكر أن أعداد مراكز الحملة قد وصلت إلى نحو 20 مركزا، وبلغ عدد الدارسين المسجلين فيها 300 دارس حتى الآن, مؤكدا أن هناك أكثر من 30 برنامجا تعليميا يُتّبع لتعليم الكبار، يضم بين مراكز محو الأمية ومدارس ليلية ومشروع مجتمع بلا أمية، ويستفيد منها أكثر 700 دارس. وبيّن مدير الإعلام التربوي حامد الإقبالي, أن الحملة تشتمل على عديد من البرامج التعليمية والتوعوية والاجتماعية والصحية والبيطرية والإعلامية، لافتا إلى أن البرنامج التعليمي للحملة يشتمل على تدريس القرآن الكريم, والعلوم الدينية, والقراءة, والكتابة, والحساب، فضلا عن وجود عديد من المساهمات العينية والمالية التي سيتم توزيعها على المستهدفين من الحملة لتشجيعهم على مواصلة دراستهم. وكان وكيل محافظة الليث الأستاذ ناصر بن حمود السبيعي, قد دشن فعاليات حملة التوعية ومحو الأمية في قرية آل صلاح التابعة لمكتب التربية والتعليم في أضم, التي تقام خلال العام الدراسي 1430/1431ه، والتي تم اعتمادها من قبل معالي نائب وزير التربية والتعليم الدكتور خالد بن عبد الله السبتي؛ بناءً على توجيهات سمو أمير منطقة مكةالمكرمة, بهدف تكثيف الجهود لمحو الأمية في مركز الجائزة والقرى التابعة للمركز, وشهد الحفل عديدا من الفقرات الشعرية والمسرحية وعروض البوربوينت، إضافة إلى بعض الفعاليات التي تحثّ على طلب العلم والمشاركة في التسجيل بفعاليات الحملة، حيث شارك الدارسون الكبار في مجمع طارق بن زياد التعليمي بآل صلاح بمسرحية فكاهية بعنوان: (إلى متى لا أقرأ إلى متى لا أقرأ؟!).