خالد اليوسف يكفي ان تذكر اسمه لتحصل على الجواب.. شخصية ثقافية وقامة إبداعية في عالم الأدب والثقافة والرواية، يحمل مشروعا كبيرا سيكون له الأثر الكبير في المشهد الثقافي السعودي وخاصة في عالم القصة القصيرة، اليوسف أجابنا عن أسئلة مختلفة ومتعثرة وكانت كل الإجابات تنم عن وعي وثقافة جاءت من خلال القراءة والتراكم المعرفي. لكل انسان بداية ونهاية فما بدايتك، وكيف تتمنى أن تكون نهايتك العملية؟ - في مجالي بدأت منذ مرحلة مبكرة جداً، أي منذ دراستي المتوسطة والثانوية، ونشرت أشعاري وقصصي في آخر مرحلة ثانوية، ثم واصلت في مجالات أدبية كثيرة ومتنوعة، ومررت بكل الطرق والدهاليز، حتى استقر بي المقام في السرد. أما النهاية العملية فلا أتمناها على الرغم أنها طبيعية وحتمية، لكن لا أحبذ التنبؤ ولا أرغب الدخول فيه. سنوات العمر قصيرة لكنها تحمل في طياتها ذكريات. حدثنا عن أحلى ذكرياتك.. - كل موقف في حياتي اليوم يذكرني بما يقابله في حياتي الأولى، ومن هنا تبدأ الذكريات والفلاش باك لكل تفاصيل الحياة، ربما لبساطة حياتنا الأولى، وهدوء سيرها من دون كلفة او ضغوط او عصبية، حياة لا تعقيد في تعاملاتها وعلاقاتها، وبما أننا انتهينا من رمضان -أعاده الله علينا مرات عديدة– فكل رمضانياتنا القديمة جميلة وممتعة وبسيطة، وأنا أتحدث عن فترة السبعينات الميلادية التي بدأت معها الصيام. اصبح العالم صغيرا جدا بفضل التقنية الحديثة، لكن ما زالت هناك بعض العقليات منغلقة على نفسها. الا ترى ان لذلك تأثيرا سلبيا على تطور المجتمع تجاه الرأي الآخر كما هو الحال مع العادات والأعراف الاخرى؟ - المتغيرات الحياتية تفرض نفسها رضينا أم أبينا، وكثير من العادات والموروثات أصبحت من الماضي، واعتقد أن التريث في هذه المسألة مطلوب، ولنترك الأمر للزمن وسرعة تحولاته وتبديلاته، والمؤثرات التي تلغي سريعا ما تعودتا عليه من سلبيات. هناك ثلاثة أحداث رئيسية في حياة الإنسان: الميلاد، المعيشة، والموت... وعادة فإننا لا نكون في وعينا وقت الميلاد، ونتألم عند الموت، وننسى أن نعيش، بين كل هذه المتغيرات التي يراها جون دي كيف تعيش حياتك؟ - أنا مؤمن بالله وأقداره علينا، وما كتبه سيصيبنا وندركه كيفما كان وأين ما نكون، لكن عليّ السعي في بناء آمالي وطموحاتي وأحلامي، وتحمل التبعات والاحباطات التي تقف أمامي إلى آخر الطريق الذي سرت فيه، ولن يؤثر هذا في قاعدتي الحياتية أبداً. يقول فيثاغورس: إذا اختبرت إنسانا فوجدته لا يصلح أن يكون صديقا، فاحذر من أن تجعله عدوا، كم صديقا خسرته خلال حياتك ولماذا متغيرات الحياة تفرض علينا أحيانا أن نفقد صداقة من كنا نحبهم ولا نقوى على البعد عنهم؟ - شيء عجيب ومثير ومقزز حينما تتحول الصداقة والحب والتفاني إلى تنافر وتناحر وتباعد وقطيعة، مفارقة محزنة، مررت بها وأقلقتني كثيراً، بل جعلتني ابدأ أراجع نفسي وعلاقاتي، واقلب قلبي وعقلي ومشاعري ونمط تفكيري؛ خرجت بنتيجة مفادها ان الغيرة تتوالد مع الأيام بين الصديقين، وتكبر عند أحدهما الذي يستقبلها أكثر من الآخر ثم تنفجر لتدمر العلاقة النقية والطاهرة، وأنا اتفق مع فيثاغورس لأني احذر أن تتحول إلى عداوة، فأنسى الماضي تماما. يعتقد أفلاطون بأن المنطق سوف يأخذك من ألف إلى باء، والخيال سوف يأخذك إلى أي مكان، ما بين المنطق والخيال ألا تعتقد بأن هويتنا العربية أصبحت مطموسة بسبب هذين المتناقضين؟ - الهوية العربية تتجاذبها التيارات منذ زمن طويل، يبدو لي منذ العصر الجاهلي، وهي هوية تقوم على التناحر، والانتقام، والتفاخر، والدم...... وغيرها من السمات المثيرة لشهية الأقوام والأجناس الأخرى، لتغرس فيها الضياع والتباغض فيما بين أهلها، لكن الدين الإسلامي قوّم هذه العقلية قرونا طويلة، وحينما اهتز الدين عند الإنسان العربي عادت إليه الأمم السابقة بثوب جديد لتلعب بالهوية والانتماء والجذور. سقراط يعتقد بأننا شعوب ثرثارة وفق نظرية خلق الله لنا أذنين ولسانا واحدا.. لنسمع أكثر مما نقول، فهل حاد سقراط عن الواقع أم أنه لامس جراح الشعوب الثرثارة؟ - يبدو لي أن معظم شعوب الأرض في هذا الزمن ثرثارة، لكن بعضها تنتج وتسمع وتستفيد، وبعضها تثرثر من غير فائدة!. يرى فيكتور هوجو أن الرجل يكره هؤلاء الذين يضطر إلى الكذب أمامهم، متى اضطررت للكذب وما نصيب الكذب الأبيض في تعاملاتك اليومية؟ - بصراحة لا أحب الكذب ولا أرعب فيه سواءً أكان أبيض أم اسود! لأني اشعر أن النتيجة سخرية الإنسان على نفسه ومن الآخرين، ولابد أن تأتي ساعة يكتشف ذاته ومرآتها السيئة، وهنا تدارك بعد فوات الأوان المحزن. بحسب صمويل بيتر فإن على المرء أن يكون مثقفاً لدرجة تجعله يتشكك في الثقافة ذاتها، وسؤالي تحديدا من هم المثقفون وإلى أي الثقافات أنت تميل؟ - صحيح.. نحن في زمن التخصص، والثقافة بوعي وإدراك وتعمق وقاد، وأن تدعي الإحاطة الكاملة فهذه كذبة كبيرة، لهذا أميل إلى التعمق في مجال واحد أو مجالين؛ واتجاهاتي التي أحاول التثقف فيها هي تخصصي العلمي المكتبات والمعلومات والأدب السعودي، وبعض المعارف التي تعينني على علومي؛ إلا أن الدخول في عالم الرواية تطلب مني القراءات المتنوعة، والبحوث والدراسات المتفرعة بحسب الشخصيات التي أتعامل معها، وهنا المعضلة الكبرى في حياة المثقف المتخصص.