تذهب إلى أي من مدن العالم النشطة وتجد المترو يزيدها حيوية، من يذهب إلى لندن لن يستطيع أن يستغني عن استخدام المترو (او الاندرجراوند) مهما فعل، فاستخدام تاكسي لندن قد يؤدي به للافلاس! بل ان تطوير مشاريع المترو أحدث تغييراً نوعياً هائلاً في العديد من مدن العالم، خذ أتلانتا مثلاً التي هي بصورة او باخرى هبة نظام النقل العام المتكامل المميز. ولعل أبدع ما في المترو أنه يلغي المعاناة مع الزحام وبالفعل يختصر المسافات، فبوسعك ان تسكن في طرف وتعمل في طرف المدينة الآخر وسيمكنك المترو من قطع المسافة بينهما في غضون دقائق. وأصدقكم أني سعيد بإطلاق أعمال «مترو الرياض» البارحة، فمدينة تقارب مساحتها 10 آلاف كم مربع وعدد سكانها يتجاوز 5.7 مليون ويتكاثرون بنحو ربع مليون سنوياً تستحق مترو بل نظاماً متكاملاً متشابكاً من النقل العام. والدعوة لإنشاء نظام للنقل العام في الرياض قديمة قدم نمو التنمية في المدينة، وقدم التخطيط الحضري فيها، لكن لسبب او لآخر كانت خطة النقل تبقى خطة. أما «مترو الرياض» فقد كان مطلباً تخطيطياً منذ ما يزيد على عقد من الزمن، وكانت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والطواقم الفنية العاملة هناك تنظر لهذا المشروع باعتباره الحل العملي للتعامل مع التنامي المطرد لعدد السيارات نتيجة لنمو السكان، فان يمتطي كل منا سيارته الخاصة للعمل ولقضاء حاجياته الأخرى فهو الخيار الأكثر تكلفة على الفرد وعلى المجتمع، لكن لم يك هناك بديل إلا أن يستخدم كل منا سيارته ويعاني وتعاني المدينة من تكدس السيارات في طرقاتها وشوارعها الفرعية والرئيسية بل وحتى على الطرق السريعة والدائرية المحيطة بالمدينة. ولعلي لا أفشي سراً أن الفكرة والمخططات الهندسية المبدئية (تصميم 30 بالمائة) كانت جاهزة ومتكاملة لدى مركز المشاريع ومقرة من الهيئة قبل أن تخطط امارة دبي خطا فيما يخص مترو دبي! نعم ذلك من الماضي، ولأنه من الماضي أقول إن «مترو الرياض» هو المشروع الذي سينقل الحياة في المدينة نقلة نوعية؛ فحالياً يحرص كل منا أن يحد من تنقلاته ويخطط لها ويوزعها على أيام الأسبوع تفادياً للزحام ولطول المسافات التي لا تستغرق دقائق بل ساعات خصوصاً إذا ما تضامنت الزحمة مع حوادث السير المعيقة، لكن قبل أن يتحقق حلم التنقل السريع من أقصى الرياض إلى أقصاها ستكون أمامنا أشهر طويلة من تحويلات الحفريات وتعديل مسارات الطرق، فما الحل؟ كنت أتحدث قبل أشهر مع احد المختصين في الهيئة حول ما قد ستولده حفريات مترو الرياض من زحام اضافي، وأخبرني بان هذا ما يشغلهم حالياً، وقد ذكرت له أن المقاولين عادة يأخذون أمر التحويلات وتعديل المسارات بصورة تقليدية، وأن أحد الأمثلة المتميزة التي بوسع حفريات مترو الرياض الاستفادة منها هي تجربة مملكة البحرين، إذ شهدت المنامة وتشهد حالياً عدداً من مشاريع الجسور العملاقة والأنفاق والمتحلقات وأن بعضها استمر انجازه أشهراً طويلة لكن الملفت انسيات الحركة ضمن تحويلات صممت بعناية هندسية واضحة ساهم فيها مهندسو مرور فتجد اشارات ضوئية ولوحات ارشادية ووضوحا للخطوط وتخطيطا متكاملا للحركة المرورية. ستبدأ أعمال مترو الرياض وآمل أن تكون المعاناة ضمن «المقدور عليه». تويتر: @ihsanbuhulaiga