منذ خمس سنوات اكتشف الإنسان في مختلف بقاع الأرض أن الأنظمة المالية الرأسمالية العالمية، بنكية وائتمانية، التي روجت أنها عماد الازدهار وضمانة النمو والمستقبل، ليست إلا شكلا متطورا لوسائل النصب والاحتيال وغسيل الأموال! إن الضرر المالي والاقتصادي على دول العالم نتيجة الأعمال المشبوهة التي قامت وتقوم بها البنوك وشركات الائتمان والتصنيف الائتماني والوساطة المالية والتدقيق ومن سار في فلكها يفوق بتكاليفه وأضراره الاقتصادية جميع الحروب العالمية والنزاعات الإقليمية منذ بداية القرن العشرين! ذكرى الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصاديات جميع دول العالم منذ منتصف العام 2008 ولا يزال الاقتصاد العالمي يحاول تخطي تبعاتها المدمرة التي كلفته تريليونات الدولارات تطل علينا هذه الأيام لعلنا نستفيد من عبرها ودروسها. ولا يسع المرء إلا أن يتساءل هنا: هل تغير شيء؟ هل صححت دول العالم مكامن الخلل؟ هل ستتكرر هذه المأساة مستقبلاً؟ بعد خمسة أعوام من الكارثة العالمية ما زالت نفس البنوك وشركات الائتمان والتصنيف والتدقيق والرهن العقاري والوساطة تمارس أعمالها وكأن شيئاً لم يكن! هل نحن بهذا الغباء؟ وهل الحكومات العالمية بهذا العجز الإجابة باختصار: لا لم يتغير شيء؛ ولم تتم معالجة الخلل بشكل جذري؛ والمأساة ستتكرر مستقبلاً بشكل كارثي أعنف! هذه هي الحقيقة المرة للنظام المالي العالمي، جميع الوعود التي قطعها قادة العالم لشعوبهم بمعالجة الوضع وعدم تكراره لا تتعدى قرارات سطحية لا تساوي قيمة الحبر والورق الذي طبعت عليه. الطامة الكبرى هي أن مصدر هذه الأزمة والمسئول الأول عنها هو الاقتصاد الأمريكي والذي لم يفعل شيئاً حقيقياً. نظام الإصلاح المالي الذي تبجح الرئيس الأميركي باراك أوباما بعظمته وقدرته على إصلاح الخلل وتلافي أزمات مستقبلية من خلاله في العام 2010 والمسمى قانون دودد-فرانك تم إجهاضه مؤخراً من المؤسسات التشريعية الأميركية! هذا القانون المكتوب في 2300 صفحة، والذي يعيد صياغة أنظمة العمل في وول ستريت وشركات الرهن العقاري وشركات الائتمان ويؤسس لهيئة الحماية المالية للمستهلك تم قتله بعد أن صوَّر للمواطن الأميركي أنه في أمان. بعد خمسة أعوام من الكارثة العالمية ما زالت نفس البنوك وشركات الائتمان والتصنيف والتدقيق والرهن العقاري والوساطة تمارس أعمالها وكأن شيئاً لم يكن! هل نحن بهذا الغباء؟ وهل الحكومات العالمية بهذا العجز؟ لا لسنا أغبياء والحكومات حول العالم غير عاجزة، ولكن قطاع المال والبنوك بمؤسساته الخدمية الذي يستشري عفن الفساد في كل عملياته أصبح تنظيماً مافيوياً لا تستطيع الحكومات أن تنفك عن التعامل معه. لا يستطيع أحد مقاومة أساطين المال الذين يقفون خلفه ويغَذُّون فساده، هم أقوى من الشعوب والحكام بتريليوناتهم ونفوذهم، ولم يعد الاقتصاد العالمي قادراً على الفكاك من هذه العصابة التي تسير بكوكب الأرض نحو نهايته. الحكومة الأمريكية بسياستها الاقتصادية البراغماتية لا يهمها ما سيحصل للعالم من كوارث نتيجة الفساد الواضح في القطاع المالي لديها. علينا التحوط والتخطيط بمعزل عنها، هذا الأمر لا مناص منه، وإلا سنغرق قريباً مع بقية دول العالم، وإلا لن ينقذنا أحد من الكارثة هذه المرة. www.alkelabi.com Twitter | @alkelabi