تتعرض مدينة القصير السورية العربية للافناء والاجتثاث من قوة أجنبية غازية، والأمة العربية التي تتكون من 22 دولة تتعامل مع المأساة وكأنها تحدث في القارة القطبية. مدينة القصير العربية تتعرض لغزو فيالق وميلشيات أجنبية، هي ميلشيات حزب الله اللبناني الذي أسسته إيران ويلتزم بالأوامر الإيرانية ويوالي إيران ويؤدي مهمات إيرانية. وميلشيات شكلتها إيران مؤخراً لغزو سوريا، وجيش الأسد وهو في النهاية يخضع للأوامر الإيرانية. منذ إندلاع الثورة السورية الباسلة تحول الأسد إلى جندي إيران وتحول نظامه إلى متلقٍ لتعليمات طهران فقط. بمعنى أن إيران تغزو الآن مدينة القصير السورية العربية. وهذا يحتم على الأمة العربية أن تفعل الدفاع المشترك وأن تبادر إلى منع الغزو الإيراني الطائفي لهذه المدينة. خاصة أن احتلال إيران للقصير يترتب عليه تعريض سكانها لمذبحة وبالتالي اجتثاثهم. وهي ليست المرة الأولى التي تقيم فيها إيران مذابح لسكان بلدات سورية، فقد تعرضت قرى بانياس وقبلها الحولة وحي بابا عمر في حمص لمذابح في أبشع عمليات التطهير الطائفي، بهدف طرد العرب من قرى تنوي إيران تحويلها إلى مستعمرات فارسية تابعة لإيران، في حال أن بدأت طهران تفعيل الخطة البديلة في سوريا وهي تقسيم سوريا وتأسيس جيب علوي. ويوم أمس الأول شنت ميلشيات إيران حملة عنيفة وقاسية بهدف احتلال القصير، ولكن بواسل الجيش السوري الحر دافعوا بجدارة عن المدينة وسكانها. وتحول مفعول الهجوم الميليشي الإيراني إلى بروبغندا إعلامية. ويبدو أن الأسد وحزب الله ومن ورائهما طهران يرتكبون حماقات لأن فصائل الجيش الحر قد تعهدت بأن تدافع عن كل شبر في القصير، وحتى لو احتلتها ميلشيات إيران مجدداً، فإن الجيش يملك الإمكانات لتحريرها مرة أخرى، كما حرر مدنا ومناطق كثيرة حاول النظام وميلشيات إيران الاحتفاظ بها، ولكنهما اضطرا للتخلي عنها ليقللوا مساحة الجغرافية الدفاعية. وهذا يعطي درساً لكل ذي لب، أن السوريين مصممون على تحرير بلادهم من إيران وميلشياتها ورجالها، وإذا استطاع نظام الاسد أن يصمد سنتين فإنه لن يصمد إلى الأبد. وكلما أمعن نظام الاسد وميلشيات طهران في عدائهما للسوريين، فإن ذلك يزيد السوريين تصميماً على التخلص من النظام ورعاته وحلفائه وأصدقائه. ويسجل التاريخ أن السوريين واجهوا قوى غاشمة وتمكنوا من دحرها وهزيمتها، وشجاعتهم اليوم ليست بأقل من شجاعتهم بالأمس، خاصة أنهم قد واجهوا نيران نظام الأسد بصدورهم في بداية اندلاع الثورة. وقدموا هدايا غالية وشهداء وتضحيات من أجل الحرية، وليسوا مستعدين للتفريط بها. وبعد كل هذه التضحيات فإن السوريين ليسوا مستعدين للتخلي عن أية مدينة سورية وبالذات لنظام الأسد ورعاته الذين أغدوا الكثير من حقدهم على سوريا والسوريين وكل هوية عربية.