لمن لا يعرف معنى «متحلطم» هي مفردة خليجية المنشأ ويقال تحلطم الرجل أي عبّر عن عدم الرضى ويشتق منها التحلطم والحلطوم وحلطمهم أي نقل إليهم الحلطمة ولا أدري أين المجاميع اللغوية العربية من كلمة بليغة كهذه؟! استشرى هذا الداء في مجتمعنا منذ عقود وتبدلت معه معايير الوطنية حيث أصبح من شروط حب الوطن والغيرة عليه بالنسبة لهؤلاء أن يكون المواطن متحلطماً، فكلما زاد تحلطماً زاد حبه لوطنه، والآخرون مجرد منافقين ومستنفعين ومكابرين! سأسرد لكم هذه القصة لنعرف مدى تشابه هؤلاء بالفطريات التي تنبت في الغابات بعشوائية وبلا فائدة غذائية! قرأت قبل أيام على موقع العربية نت خبراً عن احتلال جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بمدينة الظهران المرتبة ال 94 في تصنيف أفضل 100 جامعة في عام 2012، من طبعي الشك مع تصنيفات الاستهلاك المحلي لنبرهن لولاة أمورنا بأننا «أحسن ناس» وأن كل خططنا التعليمية والطبية والثقافية والرياضية والاجتماعية على أكمل وجه، أصبحنا مهووسين بأفضل وأكبر وأنظف وأجود وأطول وأجمل ومع ذلك لا نراها إلا خارج حدودنا! استشرى هذا الداء في مجتمعنا منذ عقود وتبدلت معه معايير الوطنية حيث أصبح من شروط حب الوطن والغيرة عليه بالنسبة لهؤلاء أن يكون المواطن متحلطماً، فكلما زاد تحلطماً زاد حبه لوطنه، والآخرون مجرد منافقين ومستنفعين ومكابرين! طرقت باب غوغل الذي دلني على مصدر الخبر الأصلي في قسم الدراسات العليا بصحيفة التايمز اللندنية وليست – هذه المرة - من وحي ورؤيا ربع صحفي في جريدة الكترونية، قمت بنشره على تويتر وخلال أقل من دقيقة بدأت ردود هائلة بالهجوم على صفحتي ولم أتوقعها خاصة أن المغردين السعوديين كانوا في وقت مزدحم عملياً ودراسياً ولكن وصول مادة دسمة لممارسة الحلطمة جعلهم يتركون ما بأيديهم لتشغيل ماكينات الحلطمة! اكتشفت في بعضهم مهارات فائقة في التنقيب والتدقيق يسيل لهما لعاب مؤسسات التدقيق المالية والاستخباراتية، فقد ذهبوا لمصدر الخبر وقرأوه حرفاً حرفاً ولديهم استعداد في وضع نملة تحت مجهر لعلها تخبئ شيئا تحت إبطها يفنّد هذا الخبر المزعج! بعض ردود المتحلطمين فيها نبرة انتصار وتشفٍّ بأن التصنيف يتحدث عن الجامعات التي يقل عمرها عن 50 سنة ولم أشأ بالرد عليهم وهناك من سأل إن كان أحد منسوبيها قد حاز على جائزة نوبل، وحتما سيحصل هذا السائل على هذه جائزة في قسم الحلطمة لو تخرج منها، وسألني زعيم المتحلطمين عن المبلغ الذي دفعته الجامعة لتحصل على هذا التصنيف، أشفقت عليه وأرحت ضميره الحلطومي في أن الجامعة 10 مليارات جنيه استرليني ورد بحلطمة أخرى لا مكان لها هنا! وحتى أكون منصفاً وصلتني ردود إيجابية تفنّد الردود السابقة ويقول أحدهم «لو كان الخبر في عدم وجود جامعة سعودية في هذا التصنيف فلن يكلفوا أنفسهم بالبحث عن شيء ينقض الخبر!» لا جدال في أن النفاق والتطبيل مؤذيان وأوصلانا إلى وضع لا يليق بنا، وأظن بأن التحلطم يوازيهما إيذاء، هذا الإنجاز هو بداية الطريق لبلوغ إنجازات عظيمة، دعونا نقر ونفرح به دون نفاق وتطبيل ... وتحلطم! Nabeel_Almojil@