تجاوزت زيارة الأمير سعود بن نايف للأحساء بالأمس السمة الرسمية. كان ذلك جلياً في زياراته لمجالس الأسر وما زخرت به من مشاعر ولمسات إنسانية عميقة الدلالة، ولا أتحدث هنا عن مَنّ خصهم سموه بزيارته من أهل وأقارب وأحباب بل عن كل المجالس فهي المراتع المحببة منذ الصغر لا تكتمل فرحة العيد إلا باتيانها مجلساً مجلساً لا نفرق في ذلك ولا نبدل كما عَلمنا الآباء والأجداد. وبزياراته لديوانيات الأسر أرسل الأمير أبلغ وأجمل رسالة في التآلف..فعلاً لا قولاً. وكأي مجتمع قديم التحضر، استقرت في مجتمع الأحساء عادات تؤكد الترابط الاجتماعي والحرص على السلم المجتمعي وتعزيز التواصل والتآزر والتكافل بين أفراد المجتمع..كل المجتمع. وقد يبحث الباحثون في ظواهر وأنماط التواصل المجتمعي في الأحساء وبالقطع سيخرجون باستنتاجات عدة. ولعل الاستنتاج الأهم أن التواصل الممنهج المستمر يعزز الثقة بين الناس؛ أما الثقة فهي عماد كل عمل مجتمعي: التواصل والتزاور يعززها، أما القطيعة والتباعد فتضعفها وتقطعها. وقد سار الركبان بجدول الزيارات المنضبط لأجيال بين أهل الهفوف والمبرز والبلدات والقرى في الأعياد والمناسبات الرئيسية. أقر أن تراخيا أصاب ذلك الجدول نتيجة لتداخل المدن وتسارع وقع الحياة، لكن من جانب آخر بقيت جذوة التواصل في المجالس والديوانيات زاخرة بالرواد تساهم في تجديد العهد بين الناس بالتزاور أو بإقامة أنشطة ثقافية وتناول قضايا الساعة وبسط وجهات النظر المتفاوتة. وزيارة الأمير سعود بن نايف الافتتاحية للأحساء أخذت طابعاً تواصلياً بامتياز، فقد كانت الزيارات مفعمة ليس فقط بايقاع فناجين القهوة ونكهتها المحببة بل زخرت كذلك بالأدب والشعر والتقدير والاهتمام المتبادل. وكما ندرك جميعاً، فالتواصل والتحاب والتآلف قيم انسانية لها مآلات ايجابية تعزز روح التعاون والتعاضد لتحقيق أهداف مجتمعية سامية؛ خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار ان الهاجس التنموي والسعي للتحسين المستمر لمستوى معيشة المواطن أمور تتحقق على الوجه الأكمل بتضافر الجهود في منظومة مجتمعية متعاضدة. وهذا أمر راسخ ومحل اتفاق؛ فمن الأقوال المستقرة في بلادنا العزيزة أن المواطن هو رجل الأمن الأول وهو محور التنمية الثابت ومقصدها الأول. توتير: @ihsanbuhulaiga