عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد استلهمت بيت المتنبي السابق، وتوقفت بُرهة للتفكير في العيد وحاله، هل عاد على الجميع وهو يحمل معه تباشير الفرح والسعادة؟ أم أطلَّ علينا وبيننا من أثار شجونه، وأبكى قلبه، واكتسى عيده بالسواد الذي لا يراه إلاّ هو؟ أسئلة يجب أن تكون حاضرة في أذهان مَن يتمثل مبدأ التكافل الاجتماعي كأحد الاتجاهات التي بُنيت عليها الحكمة من مشروعية العيد، العيد الذي تحوّل في وقتنا الحاضر من فرحة بكل شيء -قديمًا- إلى تنافس في كل شيء -حديثًا- وعلى حساب مَنْ؟ على حساب المعوز الذي لا تُسعفه ظروفه على مجاراة السيل الهادر للكم المتنامي للطلبات المماثلة مع القريب والبعيد. هكذا العيد تبدلت أحواله من فرح إلى ترح لدى نسبة ليست بالقليلة جرّاء التفاخر السلبي، والتفكير غير المنطقي بكيفية الاحتفال به؛ إضافة إلى تدني نسبة التواصل الاجتماعي، فبعدما كانت القرية كلها تتزاور، أصبح اهالي الحي الواحد أبعد ما يكونون عن بعض، والأدهى والأمر أن الأسرة الواحدة -أحيانًا- تجدها متفككة في مثل هذه المناسبة التي يُفترض أن تكون سعيدة. نعم هذه بعض أحوال الناس في العيد؛ والمسببات لا تتجاوز بعض الإجراءات التي طبقناها وكنا نظنها وسيلة للتجميع، وإذا بها آفة للتباعد عن الدفء الاجتماعي الذي كنا ننعم به في سالف الأيام، ويأتي في مُقدمتها الاستراحات التي عزلت الأسر بمفهومها الشامل عن مُحيطها الاجتماعي، فهُجرت البيوت، بل خليت أثناء أيام العيد وكأنها لجيل لم يُخلق بعد، أو لجيل اندثر ولن يعود، قد يقول قائل إن الاستراحات تؤلف بين أبناء الأسرة الواحدة، وهذا منطق مقبول جزئيًّا، لأنه على حساب التآلف المجتمعي ككل، فبعد أن كان أبناء المجتمع يتزاورون انكفأت الأسرة الصغيرة على ذاتها، وتساقطت الحكم العليا من شعيرة العيد المتمثلة في صلة الرحم، وتفقُّد الفقراء والأيتام والإحسان إليهم. أركز على هذه المناسبة للتواصل الاجتماعي على اعتبار أنها الملتقى -ربما الوحيد- الذي يحرص عليه الكثير من الأسر على التجمع، بعد أن باعدت بينهم الارتباطات الوظيفية والعملية طوال العام. تهنئة خالص التهاني والتبريكات الصادقة نرفعها لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وأعاده لنا سالمًا معافى، وسمو النائب الثاني ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز ، وإلى شعبنا السعودي الكريم، وأمتنا العربية والإسلامية بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك؛ أعاده الله على الجميع أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة ونحن في صحة وعافية وثبات واستقامة.