انتفض في العراق يوم أمس، للجمعة الثامنة على التوالي، مئات الآلاف انتصاراً لكرامتهم وهويتهم العربية التي تواجه برنامج تطهير منظما بتدبير إيراني وتشجيع أمريكي. وواضح أن الولاياتالمتحدةوإيران مختلفتان على معالجة الملف النووي، ولكنهما متفقتان على أن تتمتع إيران بنفوذ كامل في العراق لقمع العرب واشغال العراق بنفسه، ومنع العراقيين من تطوير بلادهم، ومنعهم من التفكير بمواجهة إسرائيل. وبدأ الربيع العراقي يفرض نفسه ويضع العراقيين العرب لاعبين أساسيين في العراق، بعد مرحلة التهميش المؤلمة التي أعقبت الاحتلال الأمريكي للعراق وتسليمه إلى إيران، وبعد أن اكتشف العرب أن العراق يحكم من قبل ميلشيات إيرانية لاهم لها ولا عمل ولا وظيفة إلا اجتثاث العرب، سنة وشيعة، وتهجيرهم من العراق وتعبئة السجون بكل من ينطق الضاد بصورة صحيحة وفاء للهوية، وكل من يتمتع باخلاص وطني. ويجري ضد العرب تلفيق التهم واختلاق حوادث لشن حملات وتخطيط لمؤامرات، وربط الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الإيراني، وجعل العراق واحدة من الموارد الاقتصادية لإيران بكل النشاطات الاقتصادية، من تهريب النفط إلى إيران إلى تسويق السلع الإيرانية في العراق، بل حتى مهربي المخدرات الإيرانيين ينشطون في العراق بصفة خاصة. وقد ضج عراقيون شيعة يتمتعون بهوية وطنية ولم ينخدعوا بالشعارات المذهبية الإيرانية، بعد أن وجدوا أن التومان الإيراني هو العملة المتداولة في البصرة، بينما يعامل الدينار العراقي كما لو كان عملة أجنبية. وشنت الميلشيات التابعة لإيران حملات اعتقالات للعرب في البصرة، بل حتى الشيعة العرب لم يشفع لهم مذهبهم لدى طهران التي تجتث كل من لا يعترف بنفوذها ورجالها في العراق، بتهم مألوفة وجاهزة، ومكررة، وهي تهمة الإرهاب، والاعترافات تنتزع بكل يسر. والمحاكم تشكل تحت اشراف خبراء من إيران. ويقول معارضون عراقيون، وسجناء سابقون، ان كل الوسائل القذرة تستخدم لانتزاع الاعترافات. وعرض المنتفضون في العراق في مداخلاتهم ومحاضراتهم الجماهيرية صوراً مؤلمة لما يحدث في سجون ميلشيات اتباع إيران في العراق، حيث لا يتورع الجلادون عن أساليب دنيئة من التعذيب واغتصاب السجناء أو اغتصاب اقربائهم وقريباتهم والتهديد بقتل آباء وأمهات وأشقاء وأبناء وبنات. إضافة إلى أن عشرات الآلاف من الشباب العربي العراقي مغيبون في سجون سرية والاعدامات تجري في صفوف العرب خاصة، وحملات مستمرة على مدنهم وأحيائهم، وكل حملة تنتهي أما بقتل بلا تمييز في صفوف العرب أو جمع مجموعات منهم وتغييبها في سجون الحرس الثوري الإيراني في العراق. والنشاطون البارزون يتم تلفيق تهم سريعة لهم وانتزاع اعترافات سريعة، أحياناً تعرض في التلفزيون الحكومي، ثم الحكم بإعدامهم. وتنتهج الميلشيات الحاكمة في العراق الموالية نهجاً طائفياً صريحاً، ولكنها أيضاً تخلط هذه بعنصرية واضحة ضد العرب، مما يؤكد أنها تلتزم بنهج ومخطط إيراني يجري تنفيذه بدقة في العراق. ويعتزم المنتفضون العرب في المحافظات العراقية وضع حد للتدخل الإيراني في بلادهم والخلاص من الجرائم الإيرانية المستمرة وتحرير العراق من الاستعمار الإيراني الأبشع، بشراسته وعدوانيته وهمجيته من أي استعمار آخر عرفته الشعوب في تاريخها. وتسجل الانتفاضة حقيقة هي أنه بعد اليوم لن يقف العرب العراقيون متفرجين على ممارسات إيران ووكلائها وميليشياتها، ولن يسمحوا لإيران بأن تتحكم بمصيرهم وهويتهم وبلادهم بعد اليوم.