دلالات واسعة يقول د. عبدالله العويسي الوطن ليس مجرد جغرافيا مكانية تستمد مكانتها من هذا الجانب فهو يحمل دلالات واسعة من حيث الأبعاد الداخلة في تكوينه كالبعد الديني والزمني والثقافي والسياسي وغيرها وهو بهذا عبارة عن نسق كلي بما ينطوي عليه من دلالات رمزية تحتم واجبات لمن كان من أهله وترتقي باهتماماتهم إلى رعاية هذا الجانب المشترك الذي ينبغي ألا تتسبب اختلافاتهم وخلافاتهم في التهاون به أو تجاهله أو تقديم مصالحهم عليه بوصفه النسق الجامع الذي تتحقق بوحدته وقوته مصالح الجميع وقوتهم . وإن مما يمكن أن يسهم في تحقيقها وضع إستراتيجية ثقافية ترتقي بالوعي بالمواطنة وتحيلها إلى ممارسة فعلية تتسامى على الخلافات والاختلافات ، وسن أنظمة صارمة لتجريم أي ممارسة تضر بالمواطنة. تفاعل مشترك وذكر أستاذ الفقه المساعد بكلية الشريعة د. سامي بن عبد العزيز الماجد ان مصطلح (المواطنة) على وزن (مفاعلة) لم يأت عبثاً ولا اتفاقاً، وإنما جاء كذلك ليدل على تفاعل وتعاطٍ مشترك بين أطراف عدة، يماثل في ذلك كلمة (مشاركة)، و(مناصرة)، و(مساهمة) التي تعني التفاعل والمقابلة بين الأطراف. إنها تعني بمدلول الوزن اللغوي واجبات تؤدى وحقوقاً تؤخذ، ، ولذا يجب أن تكون شرائح المجتمع كلها وأطيافه في هذا التفاعل سواء، إن (الوطنية) شعور وجداني يحسه كل مواطن بالضرورة في نفسه حباً في وطنه وانتماءً؛ لكنه لا يمكن أن يتحول إلى سلوكٍ إيجابي ما لم يكن على سبيل (المواطنة) الصادقة بينه وبين غيره من أفراد المجمتع ومؤسساته...وكل عنصر في المجتمع مطلوب منه أن يؤدي وظيفته في هذه المواطنة المتبادلة. أكد مثقفون على أهمية تعزيز مفهوم المواطنة في الخطاب الثقافي السعودي لما تمثله من دور في تعزيز الوحدة الوطنية وان يتجلى هذا المفهوم في كل الجوانب الثقافية والإبداعية وأن يسهم ذلك في التأكيد على الانتماء والقيم وسبل الحياة والعلاقة بين أبناء الوطن الواحد وأن يكون الوطن أولا بكل تشكلاته ومفاهيمه وأبعاده .. تنمية الثقافة المسرحي محمد العثيم يقول: المثقف المبدع هو القادر على تنمية الثقافة القيمية بإبداعه والإيحاء بتعزيز اللحمة الوطنية ، ومع الأسف فهذا الجانب قل أن يؤخذ في الإعتبار إذا ما استثنينا الغناء والموسيقى التي أثرت فعلا لغة ومعنى في توحيد الكثير من المفاهيم نحو الوطنية، وهنا أستثني الكلام الوعظي المباشر الذي نسمعه بشكل إلقائيات كل يوم، واذهب إلى أن تفعيل دور المسرح، والسينما في التنشأة على حب الوطن، وبطرق غير مباشرة هي الأفضل بهذا الخصوص. ومن وجهة نظر مهمة للفن الراقي نرى أنه لا يقول بشكل مباشر كلاما مرددا عن حب الوطن، ولكنه قدر يعرض المواطن الصالح بصوره وقيمه، وقد يعرض الجندي الذي استشهد في سبيل الواطن، وقد يعرض المتفوق الذي يملأه إحساس العودة لخدمة الوطن وهي نماذج تعطي المثال وتعزز التنشئة الوطنية عكس هذا الكم من الكلمات، ، فزرع الوطنية لا يأتي من منظومة بلغة مباشرة عن حب لوطن، ولا يأتي من خطبة، أو مقابلة في التلفزيون، بل يأتي بالتشارك الوجداني الذي تقدمه الفنون الراقية بكل أشكالها، وهي تحكي الارتباط بالوطن، وجذوره، ومكتسباته، وتحث على التمسك به حتى آخر رمق إن الفنون بكل أنواعها تعاني من تجاهل متعمد لحساب التقاليد، ومتى وعينا أهميتها استطعنا استعمال قوتها في تمسك الناس بالوطن، وكلنا نعرف كم تنفق الدول الراقية على هذه الفنون في سبيل تنميتها ، هي تفعل ذلك لسبب أنها بنية الوطن وقيمه الموروثة والحالية. مرآة عاكسة فيما يرى الفنان التشكيلي عبدالله الشيخ أنه من الضروري ان يكون المثقف غير معزول عن محيط مجتمعه والمثقف سواء كان شاعرا أو روائيا أو فنانا تشكيليا هو مرآة عاكسة لما يحدث في المجتمع وما يحدث من أحداث. ويتابع وللمثقف دور كبير وأساسي في التعبير عما يهم المواطن والتعبير عن طموحاته وأحلامه وهموم ومشاكل المجتمع بصورة عامة بأنواعه و الفنان التشكيلي يطرحه الفني يعتمد على مقدرته وان يكون فنه ذا بعد فلسفي وأدبي مؤثرا حتى تسمو الفكرة وتضح سواء عن النخبة او العامة. دور كبير ويرى الكاتب وعضو النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية حسن الشيخ أن للمثقف دورا كبيرا في لملمة أجزاء الوطن ولم شمله في وقت الأزمات تحديدا وخاصة في وقت يحتاج الوطن للجميع وهنا يبرز دور المثقف الذي هو أحد فئات المجتمع المؤثرة. والثقافة والمثقف هما اللسان المعبر عن هموم الوطن وتطلعاته وأمانيه الى مستقبل أفضل وأجمل.ويضيف الشيخ: وهذا الدور يلعبه الجميع سواء كان الشاعر أو القاص أو الفنان التشكيلي أو الكاتب كلهم يلعبون دورا هاما في سبيل بناء وطن أفضل فالوطن ليس فقط بالإمكانيات المادية ، بل هو ذلك الإحساس والهموم والمشاعر والرؤي التي تجمع كل أجزاء الوطن وتحوله إلى كائن حي يشارك في إحيائه وبنائه كل أبناء الوطن الواحد. محرك أساسي ويقول الشاعر غرم الله الصقاعي: الثقافة كفعل إنساني هو المحرك الأساسي لبناء الحياة أو لتشكيلها والجميع يسعى لحياة أفضل وحياة تتسم بالتسامح الذي يحقق العادلة وليس التسامح الذي يحدد الكراهية، وهنا دور المثقف في نشر هذه الثقافة للحفاظ على الوطن و المواطن.ويضيف الصقاعي: مسئولية المثقف كبيرة عندما تكون الظروف المحيطة تحتاج إلى الكثير من الجهد على التأكيد على الهوية والانتماء وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تصدر عن الإعلام المضاد، وهنا يكمن ويبرز دور المثقف بكل أطيافه وتوجهاته للتوضيح والدفاع عن الوطن والحفاظ عليه والذي هو مسئولية الجميع دون استثناء وخاصة في اللحظات الحرجة.