بمشاركة مجموعة من الباحثين أقام النادي الأدبي بالرياض ندوة ثقافية عن الشاعر العربي الكبير الأعشى (ميمون بن قيس)، أحد شعراء المعلقات وصاحب «منفوحة» . وقد افتتحت الندوة بكلمة لرئيس النادي د. عبدالله الوشمي تحدث فيها عن برنامج (الرياض الثقافي) الذي أطلقه النادي، وأشار إلى أن النادي يستعد لتنفيذ مهرجان الأعشى بعد هذه الليلة، كما يستعد لطرح عدد من الإصدارات، وقدم المحاضرون قراءاتهم لمنتج الأعشى الشعري وسيرته التاريخية والأدبية، جاءت هذه الأمسية ضمن البرنامج الذي استحدثه النادي للعناية بتاريخ وأدب وثقافة منطقة الرياض، شارك في الندوة كوكبة من الباحثين ممن أبحروا في شعر الأعشى وكشفوا الكثير من المعلومات الهامة عن شعره وحياته. الندوة شهدت توزيع كتاب للباحث مساعد السويهري الهذلي تحت عنوان «الخروج عن أصل التركيب» دراسة في شعر الأعشى، وقام النادي بالتعاون مع إذاعة الرياض بإصدار قرص مدمج (cd) عليه مختارات من شعر الأعشى . الأماكن الواردة في شعر الأعشى تحتاج إلى بحث مستقل أو معجم لتلك الأماكن وبخاصة ما كان منها في (منفوحة) وما جاورها من مراتع لهوه وصباه ومنازل قومه وميادين تنقلاته وأسفاره.. وقدم الدكتور محمد الربيع ورقة بحثية تحت عنوان (نظرات عجلى في شعر الأعشى الكبير) ، وتطرق في بداياتها للحديث حول الأساطير التي كانت متداولة حول الأعشى، ويروي أحد تلك الأساطير فيقول عندما كنت صغيراً سمعت من والدي – رحمه الله – أسطورة متداولة عند أهل (منفوحة) خلاصتها أن في منفوحة (قصراً للأعشى) وفيه كنز عظيم ويقوم على حراسة الكنز (ثعبان) ضخم فلا يستطيع أحد أن يصل إلى الكنز أو يقترب منه وأن هذا (الثعبان) العجيب يحرس (الكنز) منذ عصر الأعشى أي منذ أربعة عشر قرناً فهو من (المعمرين) ولذلك هو (ضخم) ومن (ثعابين الجن)، وظل هذا المنزل الذي يسمى أحياناً ب (المنفوحي) قائماً إلى أن تمّ هدمه في أواخر القرن الماضي ولم يستطع الثعبان العجيب مقاومة (التركتور) ولم يجد الناس (الكنز)، وهذه القصة نموذج للأساطير والخرافات التي تحاك وتنسج في خيالات الشعوب وربما تكون بداية الحكاية ما عرف عن الأعشى من تكسبه بشعره وأنه كان ينال (الأعطيات) على هذا الشعر من ملوك العرب وزعمائهم ، وعليه فلابد أن تكون لديه ثروة وهذه الثروة تحتاج إلى من يحميها. ولفت الدكتور الربيع الانتباه إلى أن الأماكن الواردة في شعر الأعشى تحتاج إلى بحث مستقل أو معجم لتلك الأماكن وبخاصة ما كان منها في (منفوحة) وما جاورها من مراتع لهوه وصباه ومنازل قومه وميادين تنقلاته وأسفاره.. وتساءل الدكتور الربيع ألا يستحق شعر الأعشى أن يحقق من جديد في ضوء ما حقق من كتب التراث وما قدم عنه من رسائل علمية ؟! وهل يقوم أحد أدبائنا الذين امتهنوا التحقيق بذلك العمل ؟. وأكد الربيع ان الأعشى كان له ثقافة واسعة اكتسبها من أسفاره وتنقلاته ولذلك نجد في شعره ذكراً للملوك والأمم السابقة ولكثير من القصص والأحداث التاريخية يوظفها بشكل جيد في شعره وهذه الإشارات والتضمينات تدل على معرفة جيدة تفوق فيها على الشعراء الجاهليين، كما في شعر الأعشى ألفاظ (أعجمية) خالطت شعره نتيجة لأسفاره ومعرفته بأحوال وأخبار الأمم الأخرى ولذلك فإن دراسة (معجمه الشعري) تفيد كثيراً في دراسة (الدخيل) و(الأعجمي) في الفترة المبكرة من تاريخ اللغة العربية، ومن أراد أن يدرس الواقع الاجتماعي لمنطقة (اليمامة) في أخريات العصر الجاهلي فسيجد في شعر الأعشى منجماً حافلاً بالشواهد على ذلك .