سيحرق سيارته لو فاز المنافس على فريقه.. يشق صدره ويمزق ثوبه حين سجل فريقه هدف الفوز.. يرمي «بمدخنة» مليئة بالجمر عاليا فيتناثر حرقا على السجاد فرحا بفوز فريقه.. يكسر شاشة تلفازه.. يتعلق بباب غرفته.. في الخمسين من عمره ويبكي من نتيجة فريقه السلبية.. ذهب مباشرة بعد المباراة لأقرب مركز صحي لقياس ضغط دمه بعد مباراة فريقه.. أُغمي عليه.. خرج مصدوما من مجلس زملائه بلا شعور ولم يعد إليهم.. وستجدون أرقاما مزعجة ومستغربة لحالات مرضية وعصبية ونفسية وقلبية حدثت في الملاعب. ولنتابع ذاك يسب ويتحدى.. وهذا يشتم ويسخر.. وهو يشكك ويتحسر.. والآخر يلوم ويعتب.. وغيره يكره ويتعب.. وذاك تجاوز «الطقطقة» إلى الإساءة والتحقير والزيادة.. وتستمر حكايا الشحن والضغوط والضغائن النفسية التي يختارها كل واحد بيده. فيخرج أولئك المتعصبون عن عقولهم، فيطلقون السفاهة في سلوكهم.. لم يبالوا بقيم الدين وتعاليمه، ولا خطاب الحكمة، ولا مشاعر محبيهم.. توقف داخلهم الرشد، ومات في قلوبهم الوعي.. يؤلمك حين لا ينفع توعية، ولا توجيه، ولا نصح معهم يستغشون أذهانهم برداء التعصب.. ويتساءل العقلاء لماذا وصلنا إلى ذلك.. هم يتهمون كثيرا من أطروحات الإعلام الرياضي والنقد المشوه الذي يتجه بالمتابع نحو التأجيج والتعبئة الحمضية.. ذلك الإعلام الذي زرع بذور الشك في حقول الريبة، وغرس جذور الجدل في أراضي النقمة.. وأولئك يرمون بالأسباب على المراهقة الرياضية بين الشباب الذي اشتد ميله إلى التشجيع، والطقطقة الرياضية، وصنع من منافسة فريقه وغاياته خارطة لأولوياته، واهتماماته في حياته.. وصار الفوز أو الخسارة من ضروريات عيشته.. وبتفريط وضرار أصبح شأن فريقه مساحة لتفاخره، وهما يحمله بين من يلتقيهم. هكذا يحدث المشهد في أغلبه.. وتحمل أسئلتك تهيم بها ماذا ولماذا يحدث هذا؟ ونحن في مجتمع يحيطه الدين، وتحده القيم، ويعيش على الفطرة السليمة، ويحيا بخير.. لماذا يجلب أولئك على محبيهم وأهاليهم «كل غثاء» ومشكلات. لماذا هذه الحموضة الرياضية يتناقلها الكثير في كل محلاتهم في مجالس الود والقربى، في الشارع، العمل، المدرسة، حتى في المسجد سمعتهم. ويبقى القول: علينا كإعلاميين ألا نكون منفصمي الشخصية نشكك ليلا في بعض الأمور ونعبئ الجمهور ثم نغرد في الصباح بالحكم والمأثورات.. يتوجب أن يكون خطابنا خطابا حذرا فمجتمعنا يهمنا، ووطنا يحتاجنا، وأسرنا تخاف علينا، وأمهات وآباء سيتعبون فكونوا للخير والعقل والهدوء أقرب وتجاهلوا توجيهات ودعوات أناس يتغامزون..