لأول مرة داخل السعودية أقضي وقتا طبيعيا ممتعا امتد لأكثر من أربع ساعات. كان ذلك يوم الجمعة الماضية على كورنيش الخبر المتلاطم بزوار موسم الشرقية. الناس، كل الناس، رجالا ونساء وأطفالا وسعوديين وأجانب، يطفح على وجوههم السرور، وتسكن على شفاههم ابتسامات عذبة وممتنة لخروجنا من الصندوق. ولأول مرة، أيضا في السعودية، أنتظر أنا وزوجتي نصف ساعة لتتاح لنا طاولة في أحد المطاعم العالمية الجديدة هناك. كنّا فيما سبق نأسف لبعض المطاعم أو المقاهي شبه الخالية من المرتادين الذين ملوا الطريق الدائم بين البيت والمطعم أو المقهى. الماكينة الترفيهية المجتمعية تتكون من مجموعة (تروس) تتكامل وتدفع ببعضها لتنتج الطاقة والحركة والوظائف والمنافسة والناتج المحلي، الذي يستهدف كثير من الدول تعزيزه بصناعتي السياحة والترفيه. في عصر ذلك اليوم البهيج، المكتظ ببروفات حفلات الليل الوشيك، يتدافع الناس إلى مختلف الفعاليات بمنتهى الأناقة والأدب واستشعار حق الآخر في مساحة الفرح والمكان، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان تلك (الأوهام) التي سادت لعقود بأن الناس إذا اختلطوا ارتكبوا من التصرفات والموبقات ما الله به عليم. كما يقول المثل (الميه تكذب الغطاس) وقد كذبت مياه الترفيه لدينا، وتفاعل وتعامل الناس الكثيف والمحترم معها، غطاسين كُثرا آن لهم أن يعتذروا عن ما ضيعوه من سنوات أعمارنا وإمكانياتنا وجودة حياتنا. ومن المهم في هذا السياق، استغلالا للفرصة، أن يدرس المنظمون لموسم الشرقية ولكل الفعاليات عبر المملكة النتائج. ويبنوا على إيجابياتها وهي، بالمناسبة، كثيرة، ويتلافوا سلبياتها وهي في رأيي قليلة لكنها مؤثرة في اكتمال نوعية المشهد الترفيهي السعودي الذي تتوافر له، بلا مراء، كل الإمكانات: الأماكن والبشر والقوة الشرائية.