قيادتنا الحكيمة ولله الحمد تهتم بالقرآن الكريم وتعتني بحلقات تحفيظه في جميع مناطق المملكة، بل ويتسابقون إلى تشجيع حفظة كتاب الله ويحرصون على تكريمهم بمختلف وسائل الإعلام ولا ريب في هذا، فذلك ديدنهم منذ توحيد هذه البلاد المباركة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- إلى عهدنا الزاهر اليوم بقيادة راعي رؤيتنا -يحفظه الله- لأن القرآن كلام الله وهو أعظم الكتب السماوية نزل به جبريل الأمين من رب العالمين إلى ثرى هذه الأرض المباركة، فكان معجزة نبينا عليه السلام الخالدة وكان أهله هم أهل الله وخاصته ثوابه أعظم وأنفس من كنوز الدنيا، لأن في تلاوته ذكرا وفي قراءته أجرا وفي سماعه لذة وفي تدبره متعة، فضائله لا نستطيع عدها وشمائله لا يمكن حصرها، وهو ما أكدته كتب العلم والتاريخ وأثبتته حقائق الاختراعات والاكتشافات ممن بحث في بلاغته واكتشف شيئا من أسراره وممن اهتدى لحفظ لفظه وفهم معناه، فازدهرت مكتباتنا الإسلامية بميراث ضخم نفاخر به أهل الملل ونباهي به أهل النحل كما شهد بذلك العلماء والحكماء والبلغاء والفلاسفة والدهاة. فالقرآن الكريم هو خُلق رسولنا العظيم والمحفوظ من لدن حكيم عليم، ولا غرو فبلادنا بلاد الحرمين محسودة بجمعيات تحفيظ القرآن الخيرية وشبابنا مستهدفون، ونحن أولى بتحصينهم فكريا وجسديا ولا غرابة حينئذ عندما تسمع من موتور أو مغرض من يقول إنه يساعد على تفريخ المتشددين، فأين هم من أن معظم القياديين والوزراء والعلماء وكبراء هذا الوطن ومن عقود من خريجي هذه المدارس، وعدد الدارسين والدارسات في كل جمعية يفوقون عدد ما تجمعه ملاعب الكرة؟ والقرآن الكريم هو الذي يصنع الرجال ويهذب النفوس ويضيء العقول ويقوّم الألسن، ومن تعمّق في أوامره ونواهيه تعلّم العدل والرحمة والمعاملة الحسنة لأنه دستور سماوي لا دخل للبشرية به، صالح لكل زمان ومكان ومصلح للإنسان، وما جاءت فعاليات جائزة خادم الحرمين لحفظ القرآن الكريم من كل عام إلا خير دليل على ذلك، خاصة أنها تحت إشراف وإدارة وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وخير مثال للعيان أيضا أن مدارس جمعيات التحفيظ في المملكة هي التي تتصدر قوائم التفوق ونتائج اختبار القدرات التي يعلنها المركز الوطني للقياس على مدار السنوات الماضية. ومهما يكن.. فلم يبق لتصحيح تلك الصورة الضبابية وتوضيح تلك الرؤية الإجرائية على حقيقتها إلا بزيارة تلك الجمعيات والوقوف عن كثب على حلقاتها وقاعاتها والاطلاع على إحصاءاتها وإداراتها لأن ليس من رأى كمن سمع وجلّ من لا يخطئ.