لقد تبرمجنا بسبب نشأتنا، والقناعات التي توارثناها عبر أجيال لا حصر لها، بأن ما نراه ونعايشه في اللحظة الحالية هو التفسير الوحيد الذي تسير به الأمور، ولكن ذلك يعتبر اختزالا ضخما لاحتمالات الحدث، فما من شيء يؤثر على حياتنا إلا حسب إدراكنا، فتواجدك مع أناس يؤمنون بقلة فرص العمل لا يعني أن تحاصر رأيك بقناعاتهم وتؤمن بعدم قدرتك على إيجاد وظيفة، وكونك قد خضت تجربة علاقة فاشلة سابقا لا يعني أنه مقدر لك أن تكرر الأمر، واذا عانيت سابقا من زيادة الوزن فهذا لا يؤكد حرمانك الأبدي من الحصول على جسم أرشق، فما يسمى ب«الواقع المزعج» هو نتيجة التفكير السلبي والتوقع المقلق، وبوسعنا تغيير تفكيرنا وتوقعاتنا. ما يحدث هو أنه حين تمر بمجموعة من الظروف غير المريحة تظل تفكر فيها وتشتكي منها، حتى أن البعض يعتبرها كوسام شرف وتفاخر في لعبة اللوم والندم، التي تضمن له الفوز بجائزة الضحية الأكبر، وهذا سيتسبب طبيعيا بالتوتر، ويكسبها المزيد من السطوة الشعورية علينا. إن ما نفعله هو التحديق فيما يقلقنا، وهذا لن يساعدنا أبدا، ويتجلى هدفنا الأهم في تغيير الطريقة التي نستجيب من خلالها للظروف غير المرغوبة، حتى تتوقف عن كونها البؤرة المركزية لحياتنا. بدءا من اللحظة فصاعدا لا تتقبل الواقع بوصفه شيئا لابد من الاستسلام لسطوته، واعقد العزم في قرارة نفسك على أنك سوف تفعل كل ما بمقدورك لإيجاد أي قدر من الشعور الطيب والمحافظة عليه، وتذكر أن التأثير الوحيد الذي تملكه الظروف الراهنة هو ما نمنحه لها من قوة تركيز سلبية، فلاتوجد أية ظروف تقع خارج نطاق سيطرتنا، وما يحدث في عالمك في هذه اللحظة مجرد قراءة قابلة للتغير، وبوسعك دوما ترجمة الموقف بشكل أذكى يضمن لك التمتع بطاقة من المشاعر الطيبة. إن الاستمرار في خوض الحياة كضحية للظروف، مع التركيز المستمر على وجه الخطأ في كل شيء وكل شخص لن يجلب إطلاقا الحياة المنشودة، بل سيجلب المزيد مما لا نريده، والخبر السعيد هو أننا لسنا مضطرين لأن نراقب أفكارنا في كل لحظة من كل يوم كي نضع حياتنا على المسار الصحيح ثانية، وكل ماعلينا فعله هو تتبع مشاعرنا، واسترجاعها لمسارات البهجة كلما انحرفت، لأن المشاعر التي نرسلها هي مفتاح الأحداث الملموسة التي تحدث لنا.