الخوف هو السبب الرئيسي لكل مشكلات البشر ... إنه العائق الوهمي الذي نصنعه بأنفسنا تحت ضغوط معينة فرضتها علينا البيئة أو المجتمع أو الفطرة .. مجرد قناعات ربما أقنعنا بها أنفسنا، أو أقنعونا بها أو جعلونا نرتدي أقنعتها مجبرين ، إنها تجعل منه مارداً مخيفاً ووحشاً قاتلاً ... نعم قاتلاً لكل إبداع ، قاتلاً لأي مشروع ، قاتلاً لأبسط وأكبر طموح .. إنه يقتل كل شيء .. حتى المشاعر الجميلة . لا أتحدث هنا عن الخوف الفطري من الأخطار ؛ فلو قابلك أسد ؛ أعدك أن لا أقول لك كن شجاعاً ... بل الشجاعة هنا بالهروب !!! لكنني أتحدث عما يمر في حياتنا من أحداث .. الخوف من تغيير الوظيفة ،الخوف من ركوب مصعد ،الخوف من الأماكن المرتفعة أو المغلقة ، الخوف من الزواج ، من الطائرة ، من المرض ، من الفشل ، من الموت ، الخوف من خوض أي تجربة أو اتخاذ أي قرار وهو تحديداً ما سأتحدث عنه هنا . هذا النوع من الخوف يلف حولك حلقة وهمية ويحبسك داخلها ؛ وقد لا تفيق من ذلك الحصار إلا وقد فات الأوان ..! الخوفُ مجهد محطم لا يجب أن يحتل أكبر من حجمه الطبيعي، ولا أن يقزم قدراتنا ورغباتنا الإيجابية . قابلتُ بشراً يشبهون الآلات في طريقة حياتهم ؛ فلا يكادون يخرجون عما اعتادوا عليه مثقال ذرة .. ليس حباً لما يفعلون ؛ وإنما خوف من التغيير؛ خوف من الفشل !! الشخص الشديد الحذر كثير التردد ؛ لن ينجو من أن يتهم يوماً بالجبن والجمود، وقد لاحظت أكثر الناس سعادة ورضا أولئك الذين يتصفون بالشجاعة .. نعم الشجاعة .. فليست الشجاعة فقط في ميدان القتال ؛ الشجاعة في حياتنا التي نعيشها تتمثل من وجهة نظري في اتخاذ القرار؛ في اقتحام التجارب ؛ فحين تأتيك الفكرة اعقد مع نفسك اجتماعاً مغلقاً لا يقل عن ساعة ، ضع أمامك ورقة وسجل بها إيجابيات مشروعك ثم سلبياته ، وضع مخارج لتلك السلبيات ، وفي آخر الاجتماع اسأل نفسك كيف يبدو الأمر ؟ واعتمد على قلبك ؛ فأنت مؤمن ؛ لذلك سيكون هذا القلب دليلك . ولكن كيف تعرف إن كان قرارك الذي خرجت به من هذا الاجتماع ناجحاً ..؟ أولاً يجب أن نوقن أنه لا يوجد في الحياة نجاح مطلق .... وأيضاً لا يوجد فشل مطلق ، إنهما بالنسبة والتناسب لذلك إذا أردت التأكد من صحة قرارك ؛ اغمض عينيك وتخيل مشروعك أياً كان ؛ قد نفذته فعلاً أو العكس قد قررت إلغاءه ؛ المهم أن تعيش القرار بإحساسك ؛ ويجب أن تكون هذه الخطوة بعد الاجتماع الذي قمت به مع نفسك مباشرة في ظل كل ما طرحته من سلبيات وإيجابيات ؛ كنت للتو قد سجلتها على الورقة أمامك.. ثم اسأل نفسك .. هل تشعر بالسعادة ؟ القرار السليم يجب أن يشعرك بالرضا والسعادة ولو في اللحظة الراهنة وقبل حتى تنفيذه ، يجب أن تكون سعيداً بقرارك مهما صاحبه خوف أو تردد .. إن رضاك عن القرار هو مقياس دقيق لصحته ، ولكن أن تتخذ قراراً معيناً وتعيش حزن تنفيذه !! فهذا أمر مرفوض، ودليل على خطأ القرار ؛ لأن القرار السليم مهما كان في شكله العام مؤلماً ؛ لابد وأن يوفر لك شعوراً داخلياً بالسعادة والرضا . أما كيفية التخلص من الخوف ؛ كل أنواع الخوف ؛ فمجرد أنك وضعت يدك على مكانه يعني أنك بدأت الخطوة الأولى في التحرر منه ؛ وتأتي الخطوة الثانية في اللجوء لأكثر من علم فهناك ما يسمى بالحرية النفسية (EFT) وهناك ما يسمى بالعلاج بحقول التفكير (TFT ) وهناك العلاج بالبرمجة اللغوية العصبية ( NLP) وكلها طرق ووسائل لا تعتمد على الأدوية ؛ إنها مجرد تقنيات تنحدر من سلالة العلاج الصيني والياباني وتركز على مسارات الطاقة في الجسم . واجه خوفك بكل شجاعة ؛ إياك والهروب منه أو إعطاءه مسكنات ؛ ضع عينك بعينه، وأنقذ نفسك من طوق الأسْر ؛ وثق أن كل المخاوف داخلنا هي مجرد أوهام نغذيها بالهروب والتناسي حتى تصبح بحجم المجرات ؛ تحرَّر منها لتكشف عن السعادة الحقيقية ؛ وإن لم تنقذ نفسك فصدقني لن ينقذك أحد..