كلما اقترب موعد الاختبارات الدراسية الفصلية أو النهائية اضطرب نظام البيت والأسرة، وأصبح الأبوان أكثر صرامة في مسألة الوقت والنظام والدراسة. ولعل الحرص منبعه حب الوالدين واعتقادهما أن نجاح الأبناء وتفوقهم الدراسي سيضمن لهم بعد توفيق الله مستقبلا أفضل، وذلك صحيح على وجه العموم، ولكن هل الحل في الهرولة والفزع في اللحظات الأخيرة من الاختبارات؟! من خلال رحلتي الدراسية عرفت مجموعة من جيلي كانت سياستهم أو فلسفتهم هي الدارسة ليلة الاختبار فقط، ومراجعة كل فصل من المادة وحل أسئلة آخر الفصل وكفى بذلك جهدا!. صحيح أن هذه الطريقة تنقذ ما يكمن إنقاذه أو هي خطة إطفاء الحرائق (الاختبارات)، والتي يسميها المؤلف الأمريكي الشهير ستفين كوفي مبدأ «إدمان الطوارئ وإطفاء الحرائق». وهذه الطريقة في الغالب ستدخل المعلومات إلى رأس الطالب من باب وتخرج سريعا كما دخلت، ولا يبقى منها إلا القليل. والواقع قد تضطر إلى تلك الطريقة في بعض الحالات على ألا تكون هي الأسلوب الدائم للمذاكرة، فتلك تصلح لمن يريد أن يتخرج وكفى! ولكنها ليست الطريقة الأفضل للتفوق أو على الأقل للمنافسة في الحياة العملية والمهنية. وأما الفئة الأخرى التي عرفت وخصوصا خلال المرحلة الجامعية، فهم أولئك الذين يغلقون عليهم أبواب غرفهم في الجامعة طوال السنة شتاء وصيفا من أجل مراجعة كل شيء، والتهام الكتاب من الجلدة إلى الجلدة (ومراجعة الاختبارات الفصلية والأسبوعية وحتى الاختبارات للسنوات السابقة) والبعض يسميهم «الدوافير». وهؤلاء يعرفون ما يريدون بالضبط (أعلى الدرجات والتفوق ولا شيء غير التفوق) وهم بلا شك يحفرون مستقبلهم في الصخر، ولكن في المقابل يؤثر ذلك على الجانب الأسري والاجتماعي، وربما يؤثرون العزلة أكثر من المعتاد، وقد تصبح العزلة صفة ملزمة لهم. وهناك الفئة التي تعرف كيف تؤكل الكتف؟ وحباهم الله بذكاء وفراسة، فيعرفون ماذا يذاكرون؟ ومتى يذاكرون؟، وما هو المهم والأهم في المادة الدراسية؟. وما هي الفصول أو الموائد التي تحتاج إلى تركيز أو إلى مجرد نظرة ومراجعة سريعة؟. وهؤلاء يقتربون من سقف المتفوقين؛ لأنهم يعتمدون على الموهبة ويبذلون جهدا أقل، ولكن الموهبة وحدها لا تكفي!. ولست أدعي أني أعرف الطريقة الصحيحة والمثلى للدراسة، فليس المقصود من هذا المقال أن يكون كتابا تعليما يرشدك كيف تدرس لتتفوق؟، فهناك العديد من الكتب والمتخصصين في هذا المجال. ولكن أقول لك، من خلال خبرتي الدراسية المتواضعة أنه في الغالب ما تتوقعه وتحدث به نفسك عن نفسك سوف يحدث!. الأمر الآخر تأكد من حسن اختيار أصدقائك المقربين (الشلة)؟ حيث إن كانوا مجتهدين ومتفوقين، فلا بد أن ينالك من الطيب نصيب حتى ولو لم تكن منهم. وأما إذا كانت الشلة (كيف الحال)، فقد تضطر أن تعمل بمبدأ إطفاء الحرائق كثيرا في ليالي الاختيارات حتى ولو كنت ذكيا!، فالذكاء قد يسعفك في بعض المواد، ولكن ليس طوال حياتك الدراسية!.