من العبث تكرار مقولة "عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان" أمام التلاميذ. كلام كهذا لابد سيبث الرعب في قلوبهم وتمكين رهاب الاختبارات من التغلغل في وجداناتهم. أقول ونحن على أبواب الاختبارات النهائية لكافة مراحل التعليم أن لا خوف من هذا (الفحص) وهو المفهوم الواقعي لما نٌسميه اختباراً. بهذه المناسبة سأحكي اليوم عن الاختبارات التي خبرتها حينما كنت تلميذاً في المرحلة الثانوية قبل أكثر من (40) عاما لعل في حديثي هذا ما يخفف توتر بناتنا وأبنائنا الذين سوف يمرون بمرحلة فحص للتحقق من استيعابهم لما تعلموه طوال عام دراسيّ مضى. لم نك نعرف آنذاك شيئاً اسمه فصل أول وفصل ثاني وبين الفصلين إجازة منتصف العام الدراسي كما هو معمول به في وقتنا الحالي. كان العام الدراسي فصلاً واحداً متصلاً يتم فيه الاختبار في نهاية العام وللمنهج كاملاً (من الجِلدة للجلدة) كما يقال. بعضنا كان يتهاون في مراجعة المقررات أولاً بأول وقبل وقت الاختبارات بشهر أو شهرين يبدأ في الجد والاجتهاد قد ينجح وقد يخفق. كانت درجات المواد في الامتحان غالباً من 20 درجة. إذا حصل الطالب على درجة متدنية لا تؤهله للنجاح يؤشر عليها بدائرة حمراء دلالة على الرسوب. من الأمور التي مازالت في ذاكرتي أن كان (فرّاش) المدرسة "لا أدري سبب هذه التسمية" وهو في الغالب رجل كبير في السن يقوم بمهمة فتح الباب الرئيس للمدرسة في الصباح وحين يكتمل دخول التلاميذ يغلقه بالضبّة والمفتاح. وقت الامتحان كان (الفرّاش) يملأ سطلاً بالماء البارد وبيده (غضارة) أي وعاء من المعدن يدور فيه على الفصول لسقيا التلاميذ العطاشى. عرفت مؤخرا سرّ الحاجة لشرب الماء وقت الاختبار من خلال قراءتي لدراسة بريطانية حديثة عن أن الطلبة الذين يتناولون الماء أثناء الامتحانات تزيد فرصهم في التفوق نتيجة لدور المياه في تحسين وظائف المخ المتعلقة بالتفكير وتهدئة الأعصاب. اقترحت الدراسة أن تكون هناك سياسة عامه للسماح بتناول المياه أثناء تأدية الامتحانات باللجان المختلفة في جميع المراحل التعليمية والتنبيه على الطلاب بذلك.