غالبا مهما حاولت أن أركز مع خطيب الجمعة، لابد من السرحان، وأعتقد أنني لست الوحيد، وأذكر في إحدى الجمع أحببت أن أجعل جائزة لولدي بعد الخطبة إذا أجابني عن موضوع الخطبة، وأحمد الله أنه نسي أن يذكرني بالمسابقة بعد الصلاة لأنني لم أتذكر ماذا قال الخطيب!. ولكن خطبة الأسبوع الماضي في جامع ابن تيمية شدتني لغرابة الموضوع، وجدتني مستمتعا ومستمعا لأن شيخنا الفاضل راشد الشمري أراد أن يحتفل بالمولد النبوي بطريقة خلاقة من خلال منبر الجمعة حيث أفرد الخطبة عن حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قائلا «أيها الإخوة، خطوط التماس كثيرةٌ ومثيرة، والذين يؤمنون ببدعة الاحتفال بمولدهِ عليه الصلاة والسلام- لا بُد أن يؤمنوا بتأكد ذكر سيرتهِ، بما في ذلك مولدهُ عليه الصلاة والسلام». ثم أردف قائلا: أُحدثكم عن يوم مولده تذكارًا له عليه الصلاة والسلام، وهذا الخط الذي عدهُ البعض خطًا شائِكًا فتحاشوا الحديث عنه حُبُ النبي -صلى الله عليه وسلم- عقيدة، من أواصر الإيمان، وأعظم الحُب مصروف إلى الله تبارك وتعالى، ونبيه عليه الصلاة والسلام، ففي هذا الشهر، تتيهُ في ذهنِ كُل خطيبٍ المواضيع، ويبزِغُ مولد نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ» آل عمران:164. من يقرأ ما كتبه عنه العلماء والأدباء والمفكرون من غير المسلمين، يسأل نفسه وماذا كتبنا نحن عنه، أو كيف تعاملنا مع سيرته؟ يقول جون ويليم: «ولد في مكة بجزيرة العرب، الرجل الذي كانَ لهُ من دون جميع الرجال أعظمُ تأثير على الجنس البشري»، ويقول مهاتما غاندي «لقد تملك محمد حب قُلوب ملايين البشر، وأصبحتُ مقتنِعًا، أنَّ السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان من خلال بساطته، مع رقتهِ، وصدقهِ، وتفانيهِ، وإخلاصه لصحابتهِ»، ويقول زويمر: «إن محمدًا كان من أعظم القادةِ المسلمين، ويصدُق عليه القول إنهُ كان مُصلحًا قديرًا، وبليغًا فصيحًا، وجريئًا مغوارًا، ومُفكرًا عظيمًا»، وعندما جمع الفيزيائي اليهودي مايكل هارت أعظم 100 شخصية في التاريخ في كتاب، كان نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في قمة القائمة. علينا الاهتمام بسيرته طيلة العام بما في ذلك يوم مولده، ولن أجد أجمل مما قاله الشيخ في حق من رأى عدم ذكر السيرة في يوم ميلاد نبينا خشية البدعة «أُشبههُ بطبيبٍ عندهُ مريض أحجم عن وصف الدواء له، خشية أن يُسيء المريض استخدام الدواء، او كأب قطع عن ابنه المغترب النفقة سدًا لذريعة ألا يستخدم هذه النفقة في الممنوع. أيُعقل هذا؟».