بعدما ارتفع سعره بنسبة 16% خلال العام الجاري، يحلق النفط الخام حالياً في أعلى مستوياته منذ عام 2014، ليصل إلى مستوى ال 78 دولارا للبرميل، ما يحقق لمصدري الوقود مكاسب غير متوقعة في حين تتضرر الدول المستهلكة. ويتراوح سبب الارتفاع بين صدمة تراجع الإمدادات وزيادة الطلب القوي بفضل نمو عالمي قوي، ولكن في كلتا الحالتين هناك رابحون وخاسرون. فالبلدان التي تعتمد على الطاقة المستوردة ستعاني جراء ارتفاع التكاليف مع انتفاخ أرصدة المدفوعات والنمو السريع للتضخم بينما ستحصل خزائن المصدرين على شحنة قوية من الأموال. ويقول تقرير لموقع (أويل برايس) إن عائدات النفط تراجعت بالدول المنتجة في العالم من 1.6 تريليون دولار في عام 2014 إلى أقل من 800 مليار دولار في عام 2016. وأشار إلى أن انخفاض عائدات النفط في تلك الفترة أدى إلى تقليص قدرة صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية لمصدري النفط على شراء الأصول الأجنبية. في حين خفضت البلدان النفطية والكيانات ذات الاحتياطي من العملات الأجنبية مخصصات شراء الأسهم إلى 160 مليار دولار ومخصصات السندات بنحو 80 مليار دولار في الفترة من عام 2015 إلى 2016. ونوه التقرير إلى أن الزيادة في أسعار النفط تولد تحولات في التدفقات والدخول في جميع أنحاء العالم على نحو فعال بعكس التحول الكبير السابق بين عامي 2014 و2016. وتوقع التقرير أن زيادة مدخلات صناديق الثروة النفطية ستؤدي الى زيادة الاستثمارات في الاصول العالمية، وفي أسواق العملات سيدعم ذلك العملة الاوروبية الموحدة اليورو أكثر من الدولار. وحول الآثار الناجمة عن استمرار ارتفاع الاسعار في المستقبل القريب، على النمو العالمي، يشير التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي يتمتع بأكبر معدل نمو منذ عام 2011، وستؤثر أسعار النفط المرتفعة على دخل الأسر والإنفاق الاستهلاكي، بشكل متفاوت. ويقول إن التأثيرات الموسمية قد أدت إلى زيادة تكاليف الطاقة خلال النصف الأول من العام الجاري، ما قد يدفع المستهلكين إلى اللجوء إلى مصادر طاقة بديلة للحفاظ على تكاليف منخفضة مثل الوقود الحيوي أو الغاز الطبيعي. أما عن الرابحين فيقول التقرير إن معظم الدول المنتجة للنفط هي اقتصادات صاعدة تصل الى 15 بلدا، وستساعد الزيادة في الإيرادات على تصحيح الميزانيات والحد من العجز مما يسمح للحكومات بزيادة الإنفاق الذي يدعم الاستثمار. أما الدول المستوردة للنفط مثل الهند والصين وأوكرانيا وغيرها فستتضرر حتماً، لا سيما في ظل ارتفاع العجز في الموازنات العمومية بسبب تضخم مخصصات الطاقة. وتتركز معظم الاقتصادات غير المحمية في آسيا ومنها ماليزيا وتايلاند والصين واندونيسيا، حيث يواجهون حساسية كبيرة من ارتفاع أسعار النفط. أما الولاياتالمتحدة فيشكل الارتفاع الحاد في أسعار النفط انخفاضا كبيرا في المخاطر، التي تتعرض لها الولاياتالمتحدة وذلك لأنه يعوض ارتفاع تكلفة إنتاج النفط الصخري. أما الأسر الامريكية فتعاني حتماً، حيث سيلتهم البنزين حوالي 8% من دخولهم قبل احتساب الضرائب.