هل هناك عدد أكبر من الرابحين أم الخاسرين بسبب انخفاض أسعار النفط، وهل سيدفع ذلك منطقة اليورو إلى الانكماش؟ ماهو رأي رئيس البنك المركزي الأوروبي. أسئلة كثيرة يثيرها تدهور الأسعار. انخفاض أسعار النفط ينجم عنه انتقال للثروة من البلدان المنتجة إلى البلدان المستهلكة متمثلة بكبرى الاقتصادات العالمية مثل الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو واليابان والصين. الشركات كذلك تحصل على هامش أكبر وتتحسن القدرة الشرائية للمستهلكين. أسعار الوقود في محطات الوقود الفرنسية على سبيل المثال هي في أدنى مستوى منذ أربع سنوات. يقول باتريك ارتوس الاقتصادي لدى كاتيكسيس إن منطقة اليورو يمكنها بفضل تراجع أسعار النفط «أن تستفيد من الأثر الإيجابي لتراجع اليورو على صادراتها من دون أن تتأثر بسبب ارتفاع أسعار الواردات»، وأن تأمل كسب نصف نقطة في إجمالي ناتجها الداخلي خلال سنتين. ويشير معهد كو-ركومنس إلى انخفاض فاتورة الطاقة الفرنسية بخمسة مليارات يورو على الأقل خلال 2014، موضحاً أن «الصناعة هي الرابح الرئيسي ويتوقع أن تكسب ملياري يورو، أي أكثر من التسهيلات الضريبية من أجل تشجيع تنافسية التوظيف»، التي تعتمدها الحكومة الفرنسية أساساً للإنعاش الاقتصادي. ويقدر الاقتصادي نيك كونيس المحلل لدى «أي بي إن امرو» أن ما ستكسبه الدول المستوردة سيرفع نمو إجمالي الناتج العالمي بمعدل 0.7%. الدول المنتجة بالطبع. كتبت وكالة ستاندرد اند بورز في تقرير عن منطقة الخليج أن «التراجع الأخير في سعر المحروقات، وفي حال استمراره لفترة طويلة، سيكون له تأثير كبير». وتشكل العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي الست في المعدل 46% من إجمالي ناتجها الداخلي. واعتبرت ستاندرد اند بورز سلطنة عمان والبحرين الأكثر تأثرا. ويقول كريستيان ديزيغليز الاختصاصي في الأسواق الناشئة لدى مصرف «اتش اس بي سي» أن نصف الدول الناشئة ستتأثر سلبا بتراجع أسعار النفط. فالبرازيل استثمرت بكثافة في المنشآت والبنى التحتية النفطية التي سيكون من الصعب عليها استعادتها، كما حددت روسيا ميزانيتها على أساس سعر 100 دولار للبرميل مقابل 66 دولارا سعر إقفال الجمعة في السوق الأمريكية. ولكنه يضيف أن «التراجع الكبير في سعر الروبل سيخفف الضغوط على الميزانية». وتبدو المؤشرات كلها سلبية في فنزيولا التي تعاني أساسا من اختناق مالي ويشكل النفط 96% من مصادرها من العملة الصعبة. كما يؤثر تراجع النفط على استخراج الوقود الصخري في الولاياتالمتحدة الذي يحتاج لاستثمارات ضخمة للحفاظ على وتيرة الإنتاج. ويعتبر المحللون أن الاستثمار في الوقود الصخري ليس مجديا عندما يكون سعر برميل النفط بين 65 و70 دولارا. الانكماش هو دوامة من انخفاض الأسعار والعائدات تؤدي إلى شلل اقتصادي. وهذا الخطر جاثم تحديدا على منطقة اليورو حيث تراجع التضخم إلى 0.3% في تشرين الثاني/نوفمبر. ولكن دوني فران، المدير العام لكو-ريكسكود يقول إن لانخفاض سعر النفط تأثيرا إيجابيا على القدرة الشرائية وعائدات الشركات أكثر منه تأثيراً باتجاه إلى الانكماش». والسؤال المطروح، «هل ستحتفظ الشركات بهذا التأثير الإيجابي باعتباره هامشا للتحرك، أم ستستفيد منه لمزيد من خفض الأسعار». وهذا سيدخلها في دوامة خطرة. يمكن أن يتم الالتفاف على تأثيرات انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي من خلال البنك المركزي الأوروبي الذي يفترض أن يحول دون دخول منطقة اليورو في الانكماش. كتب مايكل هيوسون المحلل لدى «سي إم سي ماركتس» البريطانية «أنا واثق من أن «رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي» كان يأمل سرا في أن تساعده أوبك بالإعلان عن خفض كبير في الإنتاج يؤدي إلى زيادة أسعار النفط ورفع التضخم في واردات منطقة اليورو. ويقول المحللون إنه «بابقائه على سقف الإنتاج كما هو، على العكس من ذلك زاد الكارتل من احتمالية اتخاذ البنك المركزي الأوروبي تدابير جديدة مهمة».