نجد أنفسنا أحيانا كثيرة مجبرين على الاستماع لقصائد هشة وفارغة لا تحمل من اسمها إلا الوزن والقافية التي التزم بها الشاعر في الوقت الذي أهمل أحد أهم عوامل تكامل النص، وهو الإبداع الشعري والصور الجمالية واختيار المفردات والبحث عن الجديد، وعدم تكرار أفكار من سبقه من الشعراء. نحضر الكثير من الاحتفالات التي يكون الشعر حاضرًا بها، ونضطر للاستماع، بل ويقوم البعض بالإشادة بالشاعر الذي ربما أنهم لم يستمعوا لقصيدته جيدًا، وإنما اكتفوا بالنظر يمينًا ويسارًا لإضاعة الوقت، حيث لم يجدوا بها ما يشدُّ انتباههم. ترى هل بدأ الجمهور يعود إلى المرحلة التي كان يتأثر بها بمقولة هذا شاعر معروف وكبير.. وأصبح من الممكن أن يتقبّل أي قصيدة حتى ولو لم تعجبه؟والحقيقة أن المشكلة ليست في هؤلاء الشعراء؛ لأن هذه هي إمكاناتهم الشعرية، ولكن المشكلة تقع على مَن يعتقد أن كل مَن كتب قصيدة مقفّاة وموزونة يعتبر شاعرًا مبدعًا، فالمسألة ليست فقط وزنًا وقافية وكلمات مصفوفة ومجموعة من الأصدقاء يصفقون، وإلا لأصبح الجميع مبدعين ولا فرق بينهم. ومن المهم أن نقول إن بعض الفضائيات الشعرية ساهمت في ترسيخ هذا الاعتقاد، وهي التي تقدّم القصيد الجيد وغير الجيد والشاعر المميّز وغير المميّز، وتتيح الفرصة لكل مَن هبَّ ودبَّ ليقول «أنا شاعر» وهذه قصيدتي، وذلك حتى تستطيع تغطية ساعات البث الطويلة. نتذكَّر جميعًا عندما ظهرت المسابقات الشعرية والتي يُجبر بها الشاعر على الجلوس أمام لجنة تحكيم لتقييم قصيدته، ساهم هذا الأمر في استفادة الجمهور حتى أصبح الكثير منهم يستطيع أن يحكم على القصيدة إن كانت مميَّزة أو عادية أو حتى لو كانت سيئة، وهناك الكثير من الشعراء انكشفوا أمام جمهور كان يعتقد أنهم نجوم شعر قبل أن يكتشفوا أنهم شعراء أقل من عاديين، ويقعون في كثير من الأخطاء التي لا يقع بها المبتدئون في كتابة الشعر. ترى هل بدأ الجمهور يعود إلى المرحلة التي كان يتأثر بها بمقولة هذا شاعر معروف وكبير.. وأصبح من الممكن أن يتقبّل أي قصيدة حتى ولو لم تعجبه؟، ربما يكون للملل من كثرة سماع القصائد دور أساسي في ذلك. تويتر@AbdullahShabnan