وصلت أسعار الأسماك مؤخرا إلى معدلات غير مسبوقة حيث وصل سعر الهامور إلى 80 ريالا للكيلو جرام فيما وصل سعر الصافي إلى 60 ريالا للكيلو جرام والربيان إلى 55 ريالا للكيلو جرام بزيادة تراوحت بين 150 و 20 بالمائة. وأكد مستثمرون في القطاع البحري والصيد إن ارتفاع أسعار الأسماك الذي تشهده الأسواق حاليا مرشح للمزيد من الإرتفاعات بسبب عدم زوال الأسباب التي أدت إلى الارتفاعات، مشيرين إلى أن ارتفاع الأسعار أدت إلى إرهاق ميزانيات الكثير من المواطنين الذين تعودوا على السمك كإحدى الوجبات الرئيسية كسكان المناطق الساحلية مثل المنطقة الشرقية. وعدَد هؤلاء أسباب ارتفاع أسعار الأسماك، وقالوا أن من أهمها ازدياد الجور على البيئة البحرية بدفن البحر وتدمير البيئة الطبيعية للأسماك وقطع أشجار القرم (المانجروف) التي تعتبر أهم الملاذات التي تعيش فيها الأسماك، وقلة الكميات التي تصل إلى المملكة من الخارج نتيجة النقص في البلدان المصدرة، بالإضافة إلى أوضاع تتعلق بالعمالة والطقس، وأسباب أخرى. مشكلات عديدة: في البداية يشير رئيس اللجنة الزراعية السابق بغرفة الشرقية عيسى المنيف: إن مشكلات القطاع البحري بدأت منذ دخول العمالة الأجنبية إليها وخاصة القادمين من إحدى الدول التي تقع شرق القارة الهندية، حيث تحول بعض هؤلاء مع مرور الزمن ومع تراخي الأنظمة ووهنها إلى أصحاب أعمال وتجار وأصبح كثيرا منهم أثرياء على حساب أبناء البلد فنافسوا المواطنين في لقمة عيشهم بعد أن كانت المهنة هي حصرا لأهل البلد وذلك بسبب قصور الأنظمة وتهاونها مع العمالة أن شجعت هؤلاء على تهديد صاحب العمل بالهروب إلى كفيل آخر إذا لم تتحقق مطالبه في زيادة الراتب، للأسف هذا كله يحدث في بلادنا من أناس جاءوا للقمة العيش فإذا بهم يمسكون بزمام الأمور للكثير من المهن والحرف والأعمال، وينافسون المواطن في لقمة عيشه. وأشار المنيف أيضا إلى وجود مشكلة قديمة حديثة يعاني منها البحارون وغيرهم تتمثل في تفريغ بعض حاملات النفط العملاقة بقايا الحمولات السابقة من الزيت في مياه الخليج قبل إعادة الشحن من جديد وهذا بالطبع يكون له تأثير مباشر على البيئة البحرية وعلى كل ما يعيش فيها من أسماك وربيان وأحياء بحرية، ويضاف ذلك كله إلى الصيد الجائر الذي تقوم به بعض الجهات والأفراد وخاصة المصحوب بجرف قعر البحر والذي يمثل البيئة التي تتكاثر فيها الأسماك والربيان، وبالطبع فإن قلة الصيد البحري في الوقت الحاضر وارتفاع أسعار الأسماك تعود في جزء كبير منها إلى تأثر البيئة الطبيعية للتكاثر. قطع المانجروف: ويرى المستثمر توفيق الرماح: إن من أهم عوامل ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية هو تدمير البيئة الطبيعية للأسماك وتقطيع وتدمير أشجار المانجروف، مشيرا إلى أن التدمير سار بوتيرة سريعة في السنوات الأخيرة نتيجة دفن الشواطئ بنسبة تصل إلى 10 بالمائة سنويا، يضاف إلى ذلك الزيت الذي تلقي به بعض شاحنات النفط بشكل متعمد في مياه الخليج والذي يكون سببا في نفوق كميات من الأحياء البحرية. ويشدد الرماح على أهمية إيجاد مراكز لتدريب البحارين يشارك فيها مدربون من ذوي الخبرة بهدف تعريف الجيل الجديد من البحارين على أصول عمليات الصيد ، وبما يؤدي إلى الصيد بكميات مناسبة ، مشيرا إلى أن من الدول الرائدة في التدريب على الصيد البحري الصين وكوريا الجنوبية. وسرقة الشباك : وقال محمد الخباز: أن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الأسماك فهو قلة المعروض منها وكثرة الطلب، أما عن سبب قلة المعروض فلوجود شح في مناطق الصيد الرئيسية، وقلة العمالة التي يعتمد عليها صاحب العمل، حيث لاتمنح وزارة العمل العدد الكافي من التأشيرات، أو تجبر على استقدام عمالة غير مؤهلة ومن بلدان بعينها ونحن نرى أن العمالة الهندية هي العمالة التي تتميز بالقدرة على أداء كافة الأعمال البحرية والصيد في عمق البحر وفي مناطق بعيدة بينما لا يستطيع الكثير من العمالة القادمة من الدول الأخرى سوى الصيد في المناطق القريبة من الشاطئ ، وهذا الأمر يستطيع فعله حتى هواة الصيد العاديين فضلا عن المحترفين. وأضاف الخباز إلى أن هناك مصطلحين معروفين لدى البحارة هما : سمكة المواطن وسمكة المقيم ، فالأولى هي السمكة التي لا يسمح بتصديرها إلى الخارج ، من حيث أنه تم اصطيادها من أماكن البيئة الطبيعية حيث تمثل أماكن التكاثر بالإضافة إلى اصطيادها بشكل حرفي، بينما سمكة المقيم يتم اصطيادها بشكل مختلف ومن مناطق ليست غنية بالغذاء اللازم للأسماك ، والدول المصدرة تصدر السمكة الثانية في العادة. وحول سرقة شباك الصيد التي تقوم بها بعض العمالة الأجنبية في غفلة من أصحابها، أكد الخباز أن عمليات السرقة لم تعرف إلا في الوقت الحاضر بينما لم تكن معروفة أبدا في السابق ويرجع الأسباب في انتشارها إلى عدم وجود عقوبات رادعة تتناسب والجرم الذي يرتكبه السراق الذين تفننوا في أعمال السرقة. وأشار إلى أن السلبية التي يتعامل بها مكتب العمل مع أصحاب الأعمال تشجع العمالة الوافدة على التمادي في مواجهة رب العمل، وعمل الإضرابات للحصول على ما يريد الوصول إليه وهذا أمر لا تقبله الأنظمة في المملكة.