يتراقصون على رصيف الوجع، ويتاجرون بالمبادئ، ويتظاهرون بالقوة، وهم أشبه بحكاية البؤساء، الذين لا يجدون في يومهم قوت فرح لساعة واحدة. يمشي بعضهم كالطاووس، ويعيش أحلام اليقظة، ويتذاكى، والغباء يلفه من رأسه حتى أخمص قدميه، ويطير في «العجة» بأنه الفاهم وسط البسطاء، والحقيقة التي يعرفها الجميع أنه «كومبارس» على خشبة مسرح، لا يتعدى دوره سوى ورقة يلعب بها الآخرون، وتنتهي بالحرق في أحسن الأحوال. يسكبون الدمع الغزير داخل ذواتهم، ويتقمصون الضحك، ويقودهم الفشل تلو الآخر لاستحضار خصم وهمي، والحقيقة أنهم جاءوا في المكان غير المناسب لهم. وفي بعض الأحيان يسيرون في «الزفة» يعتقدون أنهم قادتها، وهم قطعة شطرنج يحركه الآخرون كيفماء شاءوا، والأدهى أنهم يعيشون الدور بكل تفاصيله في مشهدنا اليومي. وفي الساحة أيضا.. لاعبون ومهرجون، يختبئ الصنف الأول، ويرمي بالصنف الثاني للواجهة، والجمهور على خشبة المسرح، ما زال يشتم الظاهر، ويمتدح الباطن، وأصل البلاء في «المتخفي» الذي يلعب من خلف الكواليس. كثيرة هي المهام التي يحملونها، ولكنها «كما وليس كيفا»، وعادة ما تكون في لغة الأرقام «صفرا على الشمال»، ومع ذلك يتفاخرون بها في سوق الحراج التسويقي، والمحصلة «فالصو». الغريب أننا نمارس خداع النفس، ونستهوي لعبة «القط والفار» في مشاهد كثيرة، نكون مقتنعين بالخطأ، ونجمله في إطار المصلحة، تحت شعارات واهية. ولكن كل ما تقدم أهون بكثير، ممن يتقدم الصفوف، وهو يسير على برمجة غيره، حاله يشبه إلى حد كبير «الرجل الآلي» بالريموت كنترول يمين يسار، والخافي أعظم..!!