الهياط انتصاره جولة، وخسارته معركة، وكم منا من رفع الصوت عاليا في غير محله، وأرعد وأمطر وفي نهاية المطاف إخفاق ليس له أول ولا آخر. البعض يتعلم من الدرس، والبعض الآخر نضطر لأن نقول له مع السطر الأخير (انتهى الدرس يا....). البعض يترك العناد والمكابرة فيغير موجته من شوك إلى ورد، ويزرع الفرحة في قلوب الناس، لكن البعض يسير بقارب الوصاية، فلا يتعلم، ولا يحاول، ولا يبادر، فتتكرر سقطاته وهفواته، ويكون هو الضحية بكل تأكيد. بالتجربة.. أثبت الهياط (المصنع) سقوطه في أول تعثر، حتى لو جيش له منتفعون وأحيط بسياج الهرج والمرج، فالشيء الزائد عن حده ينقلب ضده، كما يقول المثل الذي حفظه البعض عن ظهر قلب ولم يطبقه. وبالتجربة.. أيضا هناك من لم يفهم قواعد (اللعبة) وسط نشوة انتصار جولة وليس كسب معركة، فيزين له النجاح، ويقع في فخ التمجيد، ويلبس ثوبا غير ثوبه، حتى يصطدم في وسط الطريق بعقبات ليس لها أول ولا آخر، فيلتفت يمينا ويسارا فلا يجد من صفق له حاميا ولا من دفع به ناصرا. كثير منا يعاني هذه المعضلة، وكثير من صناع القرار يقعون تحت تأثير الوصايا، مما يجعل قراراتهم مرتبكة، بل ومستغربة؛ لأنها لا تتوافق مع فكرهم ولا طبيعة توجههم، ولكن التفسير الأمثل لهذا المشهد هو القبول بالوصاية ممن يخيل لهم أن له نفوذا أو رصيدا عند الناس. الوصاية داء في دواخلنا الكبير قبل الصغير، وإذا كانت هذه الظاهرة قد اختفت أو تقلصت، إلا أنها تظهر بين الفينة والأخرى، ودائما ما كانت نتائجها سلبية وفي كثير من الأحيان كارثية. صمت الكثرة عما يفعله نزر قليل في طريق أقل ما يوصف بالمسلسل الخليجي الشهير (درب الزلق) يعد هروبا من تحمل المسؤولية تجاه المجتمع. من يشذ عن القاعدة ويخرج عن النص لا بد من معاقبته، والضرب على وتر العاطفة ليس في مصلحة شبابنا الواعدين، وليس في مصلحة الأجيال القادمة. الوعي هو الرهان الوحيد لعودة العربة لسكة النجاحات السابقة، بمعنى أن يكون هذا الوعي قائدا وليس تابعا، لا يخضع لأهواء تبرير صناع القرار لفشلهم، أو رمي التهم على الآخرين كرها ليس إلا. يا أيها المهايطون الجدد، أفسحوا للناجحين والنابغين المجال للقيام بعملهم، وتنفيذ مخططاتهم، دون تدخل، ولا وصاية، لمجرد دعم عابر هنا وهناك..!!