ليلة الثلاثاء الماضي، كان الجمهور على موعد مع الكثير من الأحداث، ليس أولها الإعلان عن اسمي الشاعرين اللذين تأهّلا عبر تصويت الجمهور، وليس آخرها إعلان النتائج التي توصلت إليها لجنة التحكيم. فكانت الليلة حافلة بكوكبة النجوم التي وقفت على خشبة المسرح لتلقي أجمل ما لديها من أشعار، فأضفت على «شاطئ الراحة» المزيد من البهاء. كما حفلت الحلقة بحضور سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في المملكة المغربية علي بن سالم الكعبي، واللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس اللجنة، وأعضاء اللجنة الاستشارية بدر الصفوق، وتركي المريخي، والشاعر محمد بن فطيس، الذي تمكّن من الحصول على أول بيرق للشعر في برنامج «شاعر المليون» بالدورة الأولى. إلى جانبهم نخبة من الإعلاميين الذين حضروا خصيصًا لنقل وقائع الأمسية، وجمهور المسرح عاشق الشعر والشعراء، ووالدة الإعلامي حسين العامري. وبعد الترحيب بالحضور، أعلن حسين العامري وأسماء النقبي مقدما البرنامج اسمي الشاعرَين اللذين فازا بتصويت الجمهور عن الحلقة الماضية، لينضما إلى زميلهما الشاعر فواز الزناتي العنزي من السعودية، فذهبت فرصة الاستمرار في المسابقة لكل من الشاعر مانع الهميمي الذي حصل على 69% من تصويت الجمهور عبر الرسائل النصية والتطبيق الإلكتروني الخاص بالبرنامج، فيما كان زايد الضيف التميمي ثاني المتأهلين إثر حصوله على 60%، أما بقية الشعراء فقد خرجوا من المنافسة، لكنهم بلا شك لم يخرجوا إلا إلى عالم الشعر الواسع. سفير دولة التسامح والشعر سفير دولة الامارات في المملكة المغربية علي بن سالم الكعبي حضر ضيفًا مكرّمًا في الحلقة الخامسة، وحضر معه شعر الحماسة والفخر والغزل، إذ قدم ثلاثة نصوص خاطب من خلالها مشاعر ملايين. وقبل إلقاء النصوص، تحدث عن دعم -المغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للشعر والشعراء وللثقافة عمومًا، مشيرًا إلى أن الأساسات التي وضعها الشيخ زايد للثقافة، أدّت إلى وجود برنامج «شاعر المليون» الذي يقدّم أسماء جديدة في ساحة الشعر، مؤكدًا أن البرنامج فخرٌ يضاف إلى جملة ما تفخر به الإمارات من مشاريع ثقافية. كما أشاد بدور لجنة التحكيم، التي لا تقدّم ملاحظاتها النقدية فقط للشعراء المشاركين في البرنامج، إنما لكل شاعر موجود خلف الشاشات. وأضاف إن الشيخ زايد لم يهتم بالشعر النبطي وحده، إذ كان للشعر الفصيح موقع في قلبه، وحفظ الكثير من أبيات أبي الطيب المتنبي، وعلى الرغم من إعجابه بما قال المتنبي؛ إلا أنه كان يأخذ عليه عدم التواضع. أما على مستوى الشعر النبطي فقد ترك لنا الشيخ زايد إرثًا جميلًا وهامًا من القصائد الجميلة ذات المعاني العميقة، والتي تتحدث عن مواقف كثيرة، وفي أغراض شعرية عديدة. ثم ألقى قصيدة «من بوظبي والفخر تاج اشعاري» التي أشاد فيها بمواقف دولة الإمارات وقادتها، والحملة الشرسة التي تتعرض لها من قِبَل العديد من الجهات خبيثة النية. وفي سؤال حول علاقة الشيخ زايد بالشعراء، قال: لأن الشيخ زايد كان شاعرًا فقد اهتم بالشعراء، ولولا دعمه لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم. ففي الماضي لم تكن هناك منابر عامة للشعر، لذلك بدأ بمجالس الشعر في التليفزيون، كما كان يدعو الشعراء إلى مجلسه، ويتناقش معهم في نصوصهم، فلم يكن مستمعًا فقط، إنما كان مشاركًا في نقد الشعر. النجومية ترافق الطائي ساعتان من الشعر والجمال تم بثّهما، استمع خلالهما الجمهور المتابع للشعراء الستة الذين شاركوا في حلقة الأمس، وهم: لولوة الدوسري من السعودية، عبدالعزيز الدلح من الكويت، عبدالله الطائي من سوريا، علي سالم الهاملي من الإمارات، متعب الشراري، بالإضافة إلى محمد المضحي من الكويت. وقرأت لجنة التحكيم قصائدهم قراءة نقدية بيّنت خلالها مواطن قوة كل قصيدة، بالإضافة إلى مكامن الجمال، ومواضع التميز، إلى جانب ما في بعضها من ثغرات، وإن لم تؤثر عليها كثيرًا. وفي تلك الليلة رافقت النجومية عبدالله حميد الطائي الذي أهّله جمهور المسرح ب31%، فيما منحته لجنة التحكيم بطاقتها للتأهل بجدارة إلى المرحلة الثانية، بعد حصوله على 49 درجة. أما زملاؤه الشعراء فقد تركهم الإعلامي حسين العامري ليعيشوا القلق مدة أسبوع كامل. تصوير الحزن بإبداع بداية الحلقة كانت مع الشاعر عبدالعزيز الدلح الذي ألقى قصيدة كانت فاتحة الشعر، وقال د. غسان الحسن إن القصيدة معجونة بالهمّ والحزن والمأساة منذ البيت وحتى البيت الأخير، حيث تفوّقت وترادفت معاني الحزن في كثير من الكلمات التي أوردها الشاعر مثل (ضيق، دموع، حزن، همّ، حرمان)، وكلها جاءت لوصف الناحية السلبية. ذكاء شعري متفوق الشاعر عبدالله حميد الطائي كان مبهرًا في أداء نصه الجزل من ناحية المفردات، وكذلك من ناحية الوزن الذي استخدمه، والإلقاء الذي ترافق مع حضور مسرحي متميّز، إذ تفاعل الشاعر مع نصه الذي أشادت به لجنة التحكيم، وكان الناقد سلطان العميمي أول المتحدثين، وتطرّق إلى ما قام به الشاعر من تذويب للهمّ الفردي مع الجماعي في النص الذي حمل الكثير من الدلالات، مثل الوطن، والمسؤولية. الوطن خط أحمر حل ثالثًا في الحلقة الشاعر علي سالم الهاملي، الذي ألقى قصيدة وطنية بامتياز، الناقد حمد السعيد وجد حضور الشاعر جميلًا عندما ألقى نصه الوطني، مشيرًا إلى حاجة الساحة إلى مثل ذلك الطرح في هذا الوقت. نضج التجربة الشعرية لولوة الدوسري ألقت قصيدة «وطن عمري» الوجدانية، التي من خلالها تحدثت عن الأصدقاء وكيف يتبدلون ويتغيّرون، د. غسان أشار إلى جودة القصيدة، بما فيها من بوح مولِّف للشاعرية، وهو ما يدل على نضج التجربة الشعرية لدى الشاعرة. ثم ذهب د. الحسن إلى أن القصيدة هي قصيدة الموقف، وقد ظلت الشاعرة على ما بدأت به من حزن، وتكرر الحزن بصور مختلفة في كل بيت، لكن لولوة حرصت على بنائها بجمال. تصاوير شعرية جديدة وأخيرًا تمكّن الشاعر متعب الشراري من الوصول إلى «كرسي المليون» الذي استحوذ على موضوع نصه الذي ألقاه، الناقد سلطان العميمي أشاد بالحضور الجميل للشاعر على المسرح، وبالقصيدة التي ألقاها متعب، وبمستوى الشاعرية. صوت العقل.. خلجات العاطفة آخر الشعراء كان الشاعر محمد علي المضحي، الناقد حمد السعيد أشاد بالنص الوطني الذي ألقاه محمد الذي تحدث بلسان الوطن وبطرحٍ راقٍ، وبطرقٍ مميزة، وأبدى إعجابه بالبيت (جموح القصيد مْعقّد بناصيَتْه شعور/ مع ان الحياة أصلا تعقّد عليه حجاج)، ثم بالبيت (على لسان من شالت غلا عيالها المحفور/ وتضمّك بعد موتك وقبلك حوَت أفواج). وختم حسين العامري وأسماء النقبي بذكر أسماء شعراء الأمسية القادمة، وهم ياسر الزلباني من الأردن، حسن المعمري من سلطنة عمان، حمد العازمي من الكويت، راشد بن قطيمة من السعودية، سالم بن كدح الراشدي من الإمارات، وعكاش العتيبي من السعودية. لحظة إعلان الفائزين