كلنا في هذه الحياة يترقب نتائج عمله، ولا شك أن النجاح أو الفوز أو الربح من الكلمات المبهجة لنا جميعا وهي مطلب كل إنسان في حياته: في تجارته في وظيفته في دراسته.. كما أن الإخفاق والخسارة والفشل كلمات لها وقع كريه في النفس، ويتمنى كل إنسان أن ينجو من سقطاتها. والأيام يداولها الله بين الناس في حياتهم ما بين فوز وخسارة، فكيف نتعامل مع كل منها بحكمة؟ عندما يتحقق لك الفوز الذي كنت ترجوه فهذا حدث سار جدير بالشكر لله تعالى ثم للذين كانوا من داعميك في سعيك للفوز، وهذا هو الموقف الإيماني. وإذا وقعت لك الخسارة وهذا حدث محزن، عليك أن تواجهه بالصبر، الذي يقيك من الانهيار أو الإحباط، لتعاود المحاولة من جديد، وهذا هو الموقف الذي أشاد به النبي صلى الله عليه وسلم إعجابا فقال: :(عجبا لأمرِ المؤمنِ إِن أمره كُلهُ لهُ خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمُؤمنِ إِن أصابتهُ سراءُ شكر فكانت خيرا لهُ وإن أصابتهُ ضراءُ صبر فكانت خيرا لهُ). رواهُ مُسلِم. وهذا الخير المشار إليه في هذا الحديث، يجعل المسلم قادرا على أن يتعامل باتزان مع انفعالاته ومشاعره، في حالة الفرح والسرور، وفي حالة الحزن والكرب والحزن. وقد علمت السنة النبوية المسلم إِذا رأى ما يُحِبُ أن يقول: «الحمدُ لِلهِ الذِي بِنِعمتِهِ تتِمُ الصالِحاتُ»، وإِذا رأى ما يكرهُ أن يقول: «الحمدُ لِلهِ على كُلِ حالٍ» أخرجه ابن ماجه. كذلك شكر من أعانك على تحقيق فوزك فلا يشكُرُ الله من لا يشكُرُ الناس، ومن الإرشاد النبوي: (من صُنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد بالغ في الثناء) رواه الترمذي. وإذا أصيب أحدنا بخسارة فليعلم أنه: «ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله من مصيبته، وأخلف له خيرا منها» أخرجه الترمذي. الإسلام لا يصادر مشاعر الإنسان في فرحه وحزنه، لكن يدعوه إلى الاتزان الانفعالي ومما يساعده على ذلك أمران: الأول: أن الإسلام أعطى للفوز معناه الشمولي فلا يقتصر على البعد المادي أو الدنيوي، بل يشمل البعد القيمي والإنساني، ونهاية الفوز الحقيقي هو رضوان الله تعالى ودخول الجنة {فمن زُحزِح عنِ النارِ وأُدخِل الجنة فقد فاز} (آل عمران):(185)) الثاني: أن الإيمان الحق بالقدر يضبط انفعالات الفرح والحزن كما قال تعالى: {ما أصاب مِن مُصِيبةٍ فِي الأرضِ ولا فِي أنفُسِكُم إِلا فِي كِتابٍ مِن قبلِ أن نبرأها إِن ذلِك على اللهِ يسِير، لكيلا تأسوا على ما فاتكُم ولا تفرحُوا بِما آتاكُم } سورة الحديد:(22-23) وهذا الإيمان يجعنا نستشعر مسؤوليتنا عن النتائج التي حصدناها، كما قال الله تعالى للصحابة - رضي الله عنهم - عندما خسروا الجولة في أحد: {أولما أصابتكُم مُصِيبة قد أصبتُم مِثليها قُلتُم أنى هذا قُل هُو مِن عِندِ أنفُسِكُم} سورة آل عمران: (165) وتذكر -عزيزي القاري- أن النجاح ليس له نهاية، والفشل ليس أبديا.