ارتفعت حصيلة قتلى الانتفاضة المستمرة في إيران ضد نظام «الولي الفقيه» حيث بلغت أكثر من 30 قتيلا . بينما لوح النظام بعقوبة الإعدام في مواجهة المحتجين الذين يرفضون صرف مقدرات البلاد على الميليشيات الإرهابية بالخارج. وارتفعت حملة الاختطاف لتصل إلى أكثر من ألف معتقل معلن عنهم. في وقت كشفت فيه قناة أمريكية أن اجتماعا لقادة النظام بقيادة خامنئي، أبدى تخوفه من شعارات للمحتجين تدعو بالموت للمرشد. فيما دعت واشنطن مجلس الأمن لجلسة طارئة حول إيران. انتفاضة مستمرة وأكدت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي، أمس، أن الانتفاضة في إيران ستستمر لإسقاط النظام وتحقيق الديمقراطية، مشيرة إلى أن العدالة والرفاهية والديمقراطية والانتخابات الحرة تتحقق فقط من خلال هذا المسار. وقالت رجوي في تغريدات لها عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: إن الأرضية لإسقاط الملالي ممهدة أكثر من أي وقت آخر، وإن العالم سمع صوت الشعب الإيراني «البطل» وسيقوم بدعمه. ودعت زعيمة المعارضة، المتظاهرين، لمواصلة انتفاضتهم «العادلة»، مؤكدة «أن ديكتاتورية الملالي الفاسدة والآيلة للزوال ستهزم، مقابل الاتحاد والتضامن الوطني والمقاومة والصمود». وتوجهت رجوي بالتحية للقتلى والمصابين «الذين اخترقوا بكل شجاعة وشهامة صفوف قوات الحرس»، مشددة على أن هذه الدماء والآلام لن تزيد الشعب الإيراني سوى العزم والإصرار. اليوم السادس وبدأت انتفاضة اليوم السادس في طهران من تجمعات احتجاجية في كل من ساحة «نبوت» وميدان «شوش»، وشارع كارغر الشمالي باتجاه حديقة «دانشجو». كما تجمعت حشود أمام مسرح طهران بينما طوقت قوات الأمن محيط جامعة طهران بعشرات العناصر والسيارات وراكبي الدرجات. وأفادت تقارير حقوقية بأن سجن «إيفين» امتلأ بمئات المعتقلين المشاركين في الاحتجاجات بينما تزداد الاعتقالات في المحافظات وأعلنت 5 منظمات عمالية إيرانية مستقلة أمس، دعمها للاحتجاجات، من أجل إنهاء الفقر وتحسين الواقع المعيشي ودعت إلى إنهاء الأساليب القمعية، وإلى عدم زج المتظاهرين في السجون بسبب مطالبهم المشروعة. وطالبت المنظمات الخمس: «التحالف الحر للعمال في إيران، ورابطة كرمانشاه للكهرباء، والعمال المعدنيين، ونقابة عمال الطلاء في مقاطعة البرز، ومركز حقوق العمال، ولجنة النهوض بواقع منظمات العمال»، بالإفراج عن السجناء السياسيين ومحاكمة المسؤولين الذين نهبوا الثروة ومرتكبي القمع، وإعادة أموال المنهوبة للمواطنين من قبل المؤسسات المالية الحكومية المفلسة. تنديد عالمي من جانبه، ندد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس بالنظام الإيراني «الوحشي والفاسد» بحسب تعبيره. وقال في تغريدة على حسابه في «تويتر»: الشعب الإيراني تحرك أخيرا ضد النظام الإيراني المتوحش والفاسد. وتابع قائلا: «كل الأموال التي أعطاها أوباما بحماسة لهم ذهبت إلى تمويل الإرهاب وإلى جيوبهم»، مضيفا: «إن الناس لديهم القليل من الطعام، والتضخم كبير، ولا حقوق للإنسان». وختم ترامب مؤكدا أن الولاياتالمتحدة تراقب بتمعن ما يجري على الساحة الإيرانية. وأثنت مندوبة أمريكا لدى الأممالمتحدة نيكي هيلي أمس، على شجاعة المتظاهرين الإيرانيين. وقالت: إن الاحتجاجات التي تشهدها إيران تلقائية ولا تحركها قوى خارجية. وبعد أن قرأت منشورات كتبها إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي تأييدا للاحتجاجات نفت هيلي إدعاءات الزعماء الإيرانيين بأن الاحتجاجات من صنيعة أعداء إيران. وأبانت «نعرف جميعا أن هذا هراء تام، المظاهرات عفوية تماما. إنها فعليا في كل مدينة في إيران. هذه هي الصورة الدقيقة لثورة الشعوب التي تعرضت طويلا للظلم ضد الطغاة». وطالبت الولاياتالمتحدةايران أمس برفع القيود المفروضة على خدمتي التواصل الاجتماعي انستغرام وتلغرام ونصحت المواطنين الايرانيين باستخدام شبكات خاصة افتراضية «في بي ان» للالتفاف على اغلاق هاتين الخدمتين. دعم كندي وفي السياق، دعت كندا أمس، النظام الإيراني، إلى احترام الحقوق الديموقراطية على وقع التظاهرات الاحتجاجية المستمرة في البلاد. وأشادت اوتاوا في المقابل ب «رؤية الشعب الإيراني يمارس حقه الأساسي في التظاهر السلمي». وأكدت أيضا: أنها ستواصل «دعم الحقوق الأساسية للايرانيين بما فيها حرية التعبير». متابعة الأوضاع وتشهد مدن ايرانية عدة منذ 28 ديسمبر الفائت حركة احتجاجية على تدخل الملالي بالدول الأخرى وصرف مقدرات البلاد الاقتصادية على ميليشيات إرهابية بدول أخرى، كانت بدأت في مدينة مشهد بشمال شرق ايران. من ناحيتها، أعربت فرنسا أمس عن «قلقها حيال الحصيلة المرتفعة للضحايا والتوقيفات» وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، أن السلطات الفرنسية تتابع عن كثب الأوضاع في إيران. وشددت على أن «حرية التظاهر حق أساسي». فيما حذر رئيس المحكمة الثورية في طهران من أن المحتجين المعتقلين قد يواجهون قضايا عقوبتها الإعدام عندما يحاكمون، ونقلت وكالة أنباء شبه رسمية، عن المدعو، موسى غضنفر أبادي، قوله: «من الواضح أن إحدى التهم الموجهة إليهم يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام في إيران». تأسف أممي وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أمس، عن أسفه لسقوط قتلى بتظاهرات إيران وطالب ب «احترام حقوق الشعب الايراني في التجمع سلميا والتعبير» عن رأيه، بحسب ما أعلن متحدث باسمه. وأكد المتحدث فرحان عزيز حق أن «الأمين العام يتابع من كثب المعلومات عن التظاهرات في العديد من المدن في ايران. وأضاف: «نأمل أن تُحترم حقوق الشعب الايراني في التجمع سلميا والتعبير» عن رأيه، نافيا أن يكون غوتيريش قد تأخر في اتخاذ موقف حيال التظاهرات المستجدة في ايران. تقرير مسرب وعلى صعيد متصل، نشرت قناة «فوكس نيوز» الأمريكية تقريرا مسربا عن اجتماع المرشد الإيراني علي خامنئي مع القادة السياسيين ورؤساء قوات أمن النظام، أبدوا خشيتهم خلاله من تحول مطالب المتظاهرين من اقتصادية إلى سياسية، لا سيما مع رفع المتظاهرين شعارات سياسية من بينها «الموت للديكتاتور» في إشارة إلى خامنئي، وفكرة «ولاية الفقيه» الفاشلة التي كلفت الإيرانيين أرواحهم وأموالهم الموجهة من قبل النظام في التدخل في شؤون دول الجوار، ودعم ورعاية وتدريب الميليشيات الإرهابية مثل حزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن، بجانب سوريا والعراق وغيرها. وأظهر التقرير الذي يضم خلاصة اجتماعات تمت حتى 31 ديسمبر الماضي أن الأوضاع يمكن أن تتدهور أكثر، وأن الأمور باتت معقدة للغاية، وتختلف بشكل كبير عن أي أحداث مماثلة وقعت في السابق. وأشار التقرير إلى أن الاحتجاجات هددت أمن النظام. ضد خامنئي وفيما قالت سلطات إيران: إن الاحتجاجات جاءت ضد السياسة الاقتصادية للنظام، أشار التقرير صراحة إلى أن المتظاهرين بدأوا يرددون شعارات سياسية منذ اليوم الأول للاحتجاجات، كما رددوا في طهران شعارات ضد خامنئي ونهجه إضافة للدعوة بموته. وتوقع التقرير أن تدخل قوات الحرس الثوري الايراني أو قوات الباسيج لقمع الاحتجاجات سيعود بنتائج عكسية، وسيزيد من عداء المتظاهرين للنظام الإيراني. غير مستغربة ولا تبدو التظاهرات الغاضبة والاحتجاجية على سياسة ولاية الفقيه والنظام في إيران مستغربة، وبالتالي لم يأت تلقف الإدارة الإيرانية لهذا الغضب الشعبي خارجاً عن المألوف، فمن ناصر وساند النظام الإيراني ضد شعبه وقتل الأطفال في سوريا واليمن والعراق لن يتوانى عن تكرار ذلك مع الشعب الإيراني فسيمارس معه جميع أنواع البطش والتعذيب، إضافة إلى تبديد ثروات إيران على الميليشيات المتعددة الجنسيات وتناسي الإيرانيين المعوزين الذين يعيشون في ظروف قاسية وبلادهم تعتبر واحدة من أغنى بلدان العالم. الغضب من نهج الملالي بالخارج في تصاعد في تصريح ل«اليوم»، يشدد المعارض الشيعي ل«حزب الله»، المحلل السياسي لقمان سليم، على أن ما جرى في إيران تكمن أهميته في سرعة تدحرجه الى اعتراض سياسي يتناول سياسات إيران وتدخلاتها في لبنان وفلسطين وسوريا واليمن، وهذه الانتفاضة تجعلنا نتفاءل لنهاية لتراكم كل ذلك التذمر خلال السنوات الماضية من العام 2009، فليس بالأمر القليل أن تداس صور خامنئي بالأقدام وليس بالأمر القليل أن تحرق الناس مقرّات الحرس الثوري، فالناس تقول بكل بساطة: نحن نريد إسقاط النظام، مبدية تذمرها من نهجه وسياسته الخارجية المحسوبة ضد الداخل والشعب الإيراني. ويؤكد سليم أن الغضب الإيراني انطلق ضد نهج طهران في الخارج والحالة العدائية التي خلفها ذلك في دول الجوار ومحيطها الإقليمي. وأضاف: «لا شك أن إيران دخلت في مرحلة اضطراب لن تخرج منها عن قريب، وأمام قيادتها أحد أمرين؛ إما أن تقدم تنازلات وتتخلى عن سياسة التدخل في الخارج، وهذا ما لا يمكن أن تفعله، وإما أن تذهب إلى مزيد من القمع، ومزيد من القمع يعني أزمة أكبر واستمرار التصدع الداخلي». من جانبه، يرى الصحفي والمحلل السياسي، علي الأمين، أن «التطورات في إيران اليوم تعكس في جوهرها تحوّلا أساسيا في مسار نموذج السلطة فيها، باعتبار ان هذه الاحتجاجات والتظاهرات ربما هي المرة الأولى التي تخرج في شوارع إيران في أكثر من 50 مدينة إيرانية لتعلن بشكل صريح وواضح انفصالها عن نظام ولاية الفقيه»، موضحاً أن «الانقسام التقليدي الذي كان قائماً في إيران بين التيار المحافظ والإصلاحي أصبح اليوم من خلال الشعارات التي ظهرت في الشارع بين النظام والشعب؛ ولعله بمعزل عن امكانية النظام في قمع أو انهاء هذه الاحتجاجات إن كان قادراً أو غير قادر». ويقول الأمين: «إلا أن النقطة الأهم هي فقدان الثقة بنظام ولاية الفقيه، ذلك ان ثورة 1979 وعدت الشعب الإيراني بأنها للمستضعفين والفقراء والجياع في مواجهة تسلط الشاه، إلا أن ما اكتشفه الشعب الإيراني بعد أربعة عقود ان هذه الثورة لم تحقق له الا المزيد من العزلة والإقصاء، وبالتالي فإن جوهر ما يجري اليوم في إيران اننا أصبحنا أمام مشهدين، مشهد سلطة ونظام مصالح سلطوي منفصل تماماً عن الشعب، نجده يتمدد في الخارج، وهذا بحدّ ذاته فتح الباب واسعاً أمام مسار جديد داخل إيران، مسار يتصل بأن النظام والنموذج الذي يحكم إيران ونموذج ولاية الفقيه أصبح في موقع الخصم الداخلي، وهي كما طالب المحتجون ستنتهي إلى غير رجعة». احتجاج داخل حرم جامعة طهران (ا ف ب)