عرفت فلسطين من أهلي وربعي ومواقف دولتي المتواصل بدعم قضيتها. عرفتها مع ريال فلسطين، وكنّا ندفعه أطفالا في مدارسنا. هكذا أصبحت فلسطين جزءا من شخصيتي السعودية. عرفت فلسطين من المدرّس الفلسطيني في مدارسنا، ما زال بعض جيلي يذكر حزمه، وغيرته على تعليمنا، لدرجة تعرض أيدينا الطرية لوجع ألم عصاه. كان يحمل الشيء ونقيضه. حالة تمثل معاناة الإنسان الفلسطيني، وجد نفسه مشردا، لاجئا، مقتولا، محتلا، ومظلوما. تشتت الأسرة الفلسطينية، سرقوا البيت والمستقبل والأرض العربية. يظل الفلسطيني ضحية الظروف والمؤامرات والضعف، وضحية الاستعمار والصهيونية. ¿¿ عرفت فلسطين من تاريخ جذور المعاناة، بدأ بوعد بلفور، وسلطة الاستعمار الغربي وقراره بتقسيم فلسطين. عرفت أن الدولة الصهيونية هي الأولى التي نشأت بقرار استعماري عبر التاريخ البشري. كان من أول التجاوزات التي قام بها الصهاينة هو إعلان دولتهم. لم ينتظروا إجراءات التقسيم، على الفور بدأوا في طرد أهل فلسطين العرب، وقتلهم وارتكاب المجازر، ومنها مذبحة دير ياسين الشهيرة. ¿¿ توالت حروب التوسع الصهيوني، أعمال شريرة تزيد من رسوخ ظلمهم وتجبّرهم على أهل فلسطين. شاركت في العدوان الثلاثي على مصر عام (1956)، ثم قامت بحربها على العرب عام (1967)، وبتواطؤ استعماري احتلت ما تبقى من أرض فلسطين وتوسعت لتحتل سيناء من مصر، وجزءا من الأرض السورية، وجزءا من أراضي لبنان، والأهم احتلال القدس. ثم كانت حرب الدولة الصهيونية على لبنان واجتياحها عاصمتها بيروت في بداية عقد ثمانينيات القرن الماضي. الأمر الذي أفضى إلى مجزرتهم في صبرا وشاتيلا. مجزرة راح ضحيتها أكثر من (5000) شهيد فلسطيني في ليلة واحدة، ثم كانت مجزرة قنونا التاريخية حيث قتلوا عشرات الأطفال بدم بارد. ¿¿ تعمقت قضية فلسطين في حياتي بسبب الفيتو الظالم لصالح الدولة الصهيونية، وحمايتها من كل قرار إدانة، وفي عام (1995) اعترف الكونجرس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، مخالفين بذلك كل الأعراف والقوانين، وأيضا القرارات الصادرة بشأن القدس. وأخير نفذ الرئيس الأمريكي (ترامب) القرار وسط استهجان ومعارضة معظم دول العالم ومنظماته. ¿¿ كانت أمريكا تملك أوراق القضية كما قال أنور السادات: 99% من أوراق القضية الفلسطينية بيد أمريكا. إذا كان هذا الوضع، فكيف يمكن للعرب وقف أي قرار أمريكي ضد الحقوق الفلسطينية؟ كنتيجة تسعى الدولة الصهيونية في هذه المرحلة لنقل الحرب للشارع العربي ليكون بين القيادات العربية وشعوبها، ببث شائعات التشكيك والخيانات، وأيضا نقل الحرب بين أفراد الشعوب العربية. الصهاينة يغذون الجراح، ويعمقون وطأة ألمها. ¿¿ الإنسان العربي يعاني بنفس مستوى معاناة أخيه الفلسطيني، وهو يعرف أيضا أن فلسطين كان يمكن أن تكون أي أرض عربية أخرى، لأن ظروف تاريخ سلبها كانت سائدة في العالم العربي برمته، وهذا يعزز الشعور العربي تجاه القضية الفلسطينية، مما يجعلها مشروع شهادة لكل عربي ومسلم. وتلك حقيقة تزيد وضع المحتل الصهيوني تعقيدا ووحشية. الحقوق لا تضيع. الحق يبقى والباطل يفنى مع أهله. هكذا يؤكد التاريخ، ونحن العرب من صناعه المؤثرين، وسنظل وإن طال الزمن. تزيد وحشية الأعداء لأنهم يدركون أنهم ظالمون وسارقون ومغتصبون.