أتفق مع مَن يقول إن المسابقات الشعرية لفتت الأنظار إلى نقد القصيدة وقراءتها والتعمّق في معانيها وما تحتويه من صور ومعانٍ، فما كنا نراه سابقًا هو أن غالبية المتابعين لم يكونوا يعطون آراء في قصائد يسمعونها أو يقرؤونها إلا ما ندر تاركين هذا الأمر لمَن هم متواجدون بكثرة في الساحة، سواء عن طريق المقالات النقدية في الصحف والمجلات الشعبية أو غيرها، ناهيك عن أن بعض الشعراء كانوا يستخدمون بعض العبارات غير اللائقة شعريًّا ولم يكن أحد ينتبه لمثل هذا الأمر من «بسطاء الساحة» قبل أن يتغيّر هذا الأمر حاليًّا، حيث تجد الشاعر يحسب ألف حساب قبل أن يلقي قصيدته على أحد حتى لو كان من أصدقائه. ولا ينكر أحد الدور الكبير الذي قامت به المسابقات الشعرية مثل مسابقة (شاعر المليون) وغيرها في تعميق مفهوم النقد لدى متذوّقي الشعر ومحبيه سواء من المتابعين للشعر بشكل مكثف أو مَن جذبتهم هذه البرامح لمتابعتها، والارتقاء بالذائقة الشعرية بشكل كبير. ومن المعروف أن الساحة الشعبية تحظى بتواجد عدد لا بأس به من النقاد المشهود لهم بالخبرة في هذا المجال من خلال تقييم القصيدة واستخراج جمالياتها وصورها الشعرية وتحديد مكامن القصور فيها بشكل صحيح بعيدًا عن المتطفلين على الذين يمتهنون النقد الشعري دون أن يملكوا الأدوات التي تخولهم للقيام بهذا الدور. ومع انطلاق النسخة الثامنة من المسابقة الشعرية الأشهر (شاعر المليون) سيلاحظ المتابعون الانسجام الكبير بين لجنة التحكيم المكوّنة من سلطان العميمي، والدكتور غسان الحسن، وحمد السعيد، وبين الشعراء المشاركين. هذا الانسجام يوضح حقيقة أن مفهوم النقد قد تغيّر بشكل كامل، وأصبح الشاعر متقبلا لما يسمعه من ملاحظات على قصيدته ولا يخشى المواجهة والاستماع لوجهة النظر أمام الجميع حتى وإن كانت على قناة فضائية يشاهدها الملايين.