أتفق مع مَن يقول إن المسابقات الشعرية لفتت الأنظار إلى نقد القصيدة وقراءتها والتعمُّق في معانيها وما تحتويه من صور ومعانٍ، فما كنا نراه سابقًا هو أن غالبية المتابعين لم يكونوا يعطون آراء في قصائد يسمعونها أو يقرؤونها إلا ما ندر تاركين هذا الامر للمتواجدين بكثرة في الساحة سواء عن طريق المقالات النقدية في الصحف والمجلات الشعبية أو غيرها، ناهيك عن أن بعض الشعراء كانوا يستخدمون بعض العبارات غير اللائقة شعريًا ولم يكن أحد ينتبه لمثل هذا الأمر من «بسطاء الساحة» قبل أن يتغيّر هذا الأمر حاليًا، حيث تجد الشاعر يحسب ألف حساب قبل أن يلقي قصيدته على أحد حتى لو كان من أصدقائه. ولا ينكر أحد الدور الكبير الذي قامت به المسابقات الشعرية في تعميق مفهوم النقد لدى متذوقي الشعر ومحبيه سواء من المتابعين للشعر بشكل مكثف أو مَن جذبتهم هذه البرامح لمتابعتها، والارتقاء بالذائقة الشعرية بشكل كبير. ومن المعروف أن الساحة الشعبية تحظى بتواجد عدد لا بأس به من النقاد المشهود لهم بالخبرة في هذا المجال من خلال تقييم القصيدة واستخراج جمالياتها وصورها الشعرية وتحديد مكامن القصور فيها بشكل صحيح بعيدًا عن المتطفلين على الذين يمتهنون النقد الشعري دون أن يملكوا الأدوات التي تخوّلهم القيام بهذا الدور. ومع كل هذا لا يزال هناك بعض النقاد يمارسون الأستاذية على الشاعر وبطريقة منفّرة أثناء نقد القصيدة بل يزيد أحيانا بأن يتجاهلوا جماليات القصيدة من أجل البحث عن السلبيات، وهو الامر الذي يضايق الشعراء ويجعلهم يفكرون كثيرًا قبل عرض قصائدهم على نقاد من هذه النوعية. لذلك فلا تصدقوا كل النقاد فأغلبهم يبحثون عن تلميع صورهم من خلال نص وجده أمامه لشاعر كان يعتقد أن هذا الناقد منصف!