فما أجمل أن نعيش الأمل في أعماق أنفسنا، ما أروع أن نستنشق عبيره على أرض واقعنا، وإن كان العالم من حولنا بركاناً يغلي ويثور، نحطم هموم الحياة ومشاكلها، ولنعش الأمل في فجر الأمل، وشمس الأمل، وتحت أشعتها التي تملأ الوجود بألف ألف وألف أمل. بكل ما يحقق الأماني والأحلام، ويعزف بالسرور مع كل لحظة تمر من حياتنا أنغام المحبة، تقبل أفئدتنا، وتهمس لقطرات الندى لتطري أيامنا، وتنعش النفوس والمشاعر وتدغدغ الوجدان، وترشد العيون التائهة لمواطن السعادة في واقع من المفترض، بل من الواجب أن يكون مكامن للأمل، للذهب الحقيقي، أغلى من الماس والجوهر. يقول الرب عزّ وجل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ). في العمل أمل، وفي الجد رجاء، وفي التفاني والإخلاص أحلام تنبت بالحياة الحالمة السعيدة، وتشرق بالفرح، بلابلها تغرد وتطير، تطير، وتطير، تحلق في سماء صافية، ترفرف بأجنحة بيضاء، تتألق بما تحمل من نسائم لطيفة لصباح عذب جميل، مَنْ منا لم يتعرض لصدمة؟ ومَنْ منا غفلت عنه الهموم؟ ومَنْ؟، ومَنْ؟ في الحياة ألم كبير كما يقول كاتبنا الكبير العقاد، ولكن سرورها أكبر من ألمها والحياة نفسها أكبر من كل ما فيها من ألم وسرور. دروب الحياة غير ممهدة، وهذا جوهر ما يجب أن تدركه العقول ولم تكن يوماً سهلة، والإنسان العاقل هو مَنْ يمهد هذه الدروب ويعبّد طرقها بالحكمة. والحكمة مطية الحلم، وكفيل للنجاح، تحتاج العقول لمعرفة كيف تتعايش مع التضاريس الوعرة ولا تتعثر، حتى إن سقطتْ، فالسقوط لا يهم ما دامتْ قادرة على النهوض، بالإرادة القوية والأمل تقصر المسافات ويهون صعود الجبال وبدونهما نظل أبد الدهر بين الحفر، حاجتنا للأمل كحاجة النبات للماء والضوء، وكالأكسجين للكائنات الحية. يكفي أن أقول إنه أكسير الحياة. «دع يوم أمس وخذ في شأن يوم غد.. واعدد لنفسك منه أفضل العدد»، فما أروع شروق شمس الأمل بعد المغيب، وما أسعدنا بالغيث بعد الجفاف، وما أجمل ابتسامة صبر صنعت بعون الله تعالى المعجزات. تذكروا: «الأمل حياة والحياة أمل».