يعتبر موضوع شطب الدعوى واعتبارها كأن لم تكن، أحد الموضوعات المهمة التي تناولها ونظم أحكامها وحالاتها والآثار المترتبة عليها نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22/1/1435. ويعرَّف شطب الدعوى بأنه: «استبعاد الدعوى المقامة من قائمة الدعاوى وعدم عرضها في جدول الجلسات القادمة سواءً قبل ضبطها أم بعده». وقد حدد نظام المرافعات الشرعية أحوال شطب الدعوى في المادة (55) التي نصت على أنه: «إذا غاب المدعي عن جلسة من جلسات الدعوى ولم يتقدم بعذر تقبله المحكمة فتشطب الدعوى، وله بعد ذلك أن يطلب استمرار النظر فيها بحسب الأحوال، وعند ذلك تحدد المحكمة جلسة لنظرها وتبلغ بذلك المدعى عليه، فإن غاب المدعي كذلك ولم يتقدم بعذر تقبله المحكمة فتشطب الدعوى ولا تسمع بعد ذلك إلا بقرار من المحكمة العليا». ويتضح من المادة السابقة أن غياب المدعي -أو مَنْ يمثله- عن حضور جلسة من جلسات المحكمة منذ بدئها وحتى انتهائها، وكذلك عدم مواصلته دعواه، يترتب على إثره شطب الدعوى. ولكن أجازت هذه المادة مواصلة الدعوى واستمرار النظر فيها من قبل الدائرة المختصة، عن طريق تقدم المدعي بعذر تقبله المحكمة، إذ يترتب على قبول المحكمة لهذا العذر إزالة قرار الشطب، واستمرار الدعوى من حيث ما انتهت وتوقفت، لأن قرار شطب الدعوى لا يترتب عليه إزالة الآثار السابقة المترتبة على الدعوى، بل تستكمل إجراءات نظر الدعوى، ويعتد بجميع الإجراءات السابقة على قرار الشطب. وقد يحدث في بعض الأحيان وفقًا للمادة سالفة الذكر أن يغيب المدعي للمرة الثانية عن حضور جلسة من جلسات المحكمة بعد حدوث شطب الدعوى في المرة الأولى وإلغاء قرار الشطب واستمرار الدعوى، ففي هذه الحالة يجب على المدعي أن يتقدم بعذر معقول ومنطقي إلى المحكمة العليا، فإن قبلته الأخيرة ألغت قرار الشطب، ويترتب على هذا الإلغاء ذات الآثار المترتبة على إلغاء قرار الشطب في المرة الأولى، إذ تعاد القضية مرة أخرى للنظر فيها واستكمال إجراءاتها من حيث ما انتهت، ويؤخذ بجميع الإجراءات التالية لقرار الشطب الأول والسابقة لقرار الشطب الثاني. هذا فيما يتعلق بالمدعي، أما المدعى عليه فلقد أوردت المادة (56) من نظام المرافعات الشرعية نصًا يتعلق بصلاح الدعوى للحكم فيها قبل شطبها في حال حضور المدعى عليه وغياب المدعي، إذ نصت هذه المادة على أنه: «في الحالتين المنصوص عليهما في المادة (الخامسة والخمسين) من هذا النظام، إذا حضر المدعى عليه في الجلسة التي غاب عنها المدعي، فله أن يطلب من المحكمة عدم شطب الدعوى والحكم في موضوعها إذا كانت صالحة للحكم فيها، وفي هذه الحالة على المحكمة أن تحكم فيها، ويعد حكمها في حق المدعي غيابيًا». ويفهم من المادة السابقة أنها تجيز للمدعى عليه مطالبة الدائرة، التي تنظر الدعوى بعدم شطب الدعوى في حال غياب المدعي عن حضور إحدى الجلسات والفصل فيها إذا كانت القضية مهيأة وصالحة للحكم فيها. أما في حال غياب المدعى عليه -أو مَنْ يمثله- عن حضور جلسة من جلسات المحكمة، فيجب في هذه الحالة وفقًا لنص المادة (57) من نظام المرافعات الشرعية التفرقة بين عدة حالات، الأولى: إن كان غياب المدعى عليه ناتجا عن عدم تبليغه أو تبليغ وكيله، ففي هذه الحالة يؤجل النظر في الدعوى إلى جلسة لاحقة يبلغ بها المدعى عليه، فإن غاب عنها بدون عذر تقبله المحكمة، يجوز لها الحكم في الدعوى ويعد حكمها في حقه غيابيًا. والحالة الثانية: غياب المدعى عليه -أو وكيله- بعد تبليغه بموعد الجلسة، ففي هذه الحالة تحكم المحكمة في الدعوى ويعد حكمها حضوريًا في حق المدعى عليه. أما الحالة الثالثة: فهي عدم حضور المدعى عليه الذي ليس له مكان إقامة معروف في المملكة بعد إعلانه عن طريق وزارة الداخلية بالطرق الإدارية المتبعة للإعلان، وفي هذه الحالة تحكم المحكمة ويعد حكمها في حقه غيابيًا. والحالة الرابعة: فهي عدم حضور المدعى عليه في بعض دعاوى مسائل الأحوال الشخصية، ففي هذه الحالة يتم إحضار المدعى عليه جبرًا وفق ضوابط معينة. وإذا تعدد المدعى عليهم وتخلف بعضهم عن حضور إحدى جلسات المحكمة بسبب عدم تبليغهم، ففي هذه الحالة يجب على المحكمة -في غير الدعاوى المستعجلة- أن تقوم بتأجيل الجلسة حتى يتم تبليغ مَنْ لم يتم تبليغه منهم.