يبقى نجم ديربي الهلال والنصر ساطعا في سماء العاصمة الرياض، لا يهزمه الزمن، ولا يفقد بريقه مع لمعان غيره، ولا تسقط أوراق أشجاره المثيرة والممتعة مع بزوغ أغصان غيره، لأنه باختصار فريد من نوعه. اتفقنا أو اختلفنا، ديربي الهلال والنصر «غير» في وهجه وحدوده وطربه، وحتى تطفل من ليس له ناقة ولا جمل بالرياضة عليها، ولعل مفسري الأحلام يتكاثرون عليها هذه الأيام، فلا تصدقوهم. نزال ديربي العاصمة، من نوع آخر تحضر فيه كل أدوات المتعة والتشويق والمنافسة الشريفة داخل المستطيل الأخضر، ولا ينقصها سوى صافرة تقود الملحمة الكروية في الدرة لبر الأمان. في نزال اليوم كل شيء مختلف حتى الأجواء مختلفة، هي أمسية ستعيدنا للزمن الجميل. هي أمسية مختلفة، والأرض بحاجة إلى أن تمارس هوية العشب الأخضر في نزال لن تكون فيه ليلة العاصمة هادئة حتى الصباح، فإما أن يتسمر الهلاليون على ضوء القمر أو يتدفأ النصراويون تحت أشعة الشمس. الهلال والنصر.. أو النصر والهلال.. رواية لا يتحملها ملف، فصولها مثيرة، جمهورها لا يمل من قراءة أسطرها وصفحاتها وكلماتها كل يوم. الهلال «ماشي قطاره» محليا واسيويا ويتمتع بالنفس الطويل لوقوده الذي لا ينضب، وأعني بذلك دكة الاحتياط التي تنافس «الأساسي». النصر البركان الأكبر يظل ذهبه يلمع، لاسيما مع مدربه الجديد البوليفي كونتيروس، وما بين رغبة الأصفر ونشوة الأزرق تكمن صعوبة المواجهة. ديربي العاصمة من المواجهات التي تحدد تفاصيل المسابقة، وليست نتائج عابرة يمكن تعويضها في سلم الجولات القادمة. وطالما كان الديربي في خانة المهارة التي تهز المشاعر، وطالما كان في مسرح الأهداف التي يسيل لها اللعاب، والمستويات التي تكسر الممل والروتين. ديربي الرياض لم يأفل نجمه ويخفت وهجه.. وتتوارى إثارته عن الانظار.. لكن بقيت شمعته مضيئة.. بل إنه بقي في دائرة الاهتمام الجماهيري والإعلامي مهما كان وضع الفريقين الفني، فهي مباراة دوما تأتي بحسابات مختلفة مهما كانت الظروف. النصر والهلال مواجهة فخمة في المدرج، وفي المستطيل الأخضر، لأن الأهازيج والتيفوهات التي ينظمها جمهور الفريقين في المدرج لها سطوة في الملاعب، وأصبحت محطة لتصدير ثقافة خاصة بها. أخيرا.. بعض المواجهات لا تحتاج لكلمات، هي وحدها قصة في التاريخ والجغرافيا، ومباراة النصر والهلال، أو العالمي والزعيم، هي واحدة من تلك المواجهات، التي ينسحب فيها الحرف، وتتوقف الكلمة، وتجرف الجملة، لأنها باختصار فلسفة، يعتقد البعض فهمها لمرورها في الذاكرة لسنوات طوال، ولكنها مع كل مناسبة جديدة في النزال، نجدها أصعب مما نتصور، لعدم خضوعها لأية فلسفة مسبقة، فهي تخضع للدقائق التسعين، وما عدا ذلك سراب.