بعض المواجهات لا تحتاج لكلمات، هي وحدها قصة في التاريخ والجغرافيا. الأهلي والاتحاد، أو العميد والراقي، هي واحدة من تلك المواجهات، التي ينسحب فيها الحرف، وتتوقف الكلمة، وتجرف الجملة، لأنها باختصار فلسفة، يعتقد البعض فهمها لمرورها في الذاكرة لسنوات طوال، ولكنها مع كل مناسبة جديدة في النزال، نجدها أصعب مما نتصور، لعدم خضوعها لأية فلسفة مسبقة، فهي تخضع للدقائق التسعين، وما عدا ذلك سراب. هي مواجهة فخمة في المدرج، وفي المستطيل الأخضر، الأولى لأن الأهازيج الحجازية لها سطوة في الملاعب، فقد أصبحت محطة لتصدير ثقافة خاصة بها، قلدها المدرج في الخليج، وأصبحت الأولى بدون منازع طربا ومفردة وتشجيعا. أما الثانية، وهي المستطيل الأخضر، فإنها مولعة بالمواجهات الدورية، فما بالك وهي مواجهة خروج المغلوب، وتأتي في دائرة التحديات، وانكسار النمور في السنوات الأخيرة، وتفوق التماسيح، مما يعني أن اللقاء له أكثر من بعد، وليس فقط الوصول لنهائي كأس ولي العهد. الأهلي.. كومة غيابات، ولكن الديربي لا يعترف بهذه القياسات، هي 90 دقيقة فيها ما فيها من المفاجآت، ولكن الأهم في هذه الديربيات وقفة الجماهير بالثقة والمساندة. والجميل في نزالات القلعة والنمور، أن ثقافة المشهد حاضرة بعد المواجهات، مهما كانت ساخنة، فتحضر عناوين الجغرافيا والتاريخ (جدة كذا .....). عنفوان في المدرج والملعب والإعلام المرئي والمقروء والمسموع، فقد حافظ الأهلي والاتحاد على ديربي جدة لسنوات طوال، بنفس الحماس واللهفة، والتجديد كان العنوان الأبرز، والوفاء من الجماهير كان وما زال هو ملح نزالاتهما. جدة.. ستفرح حتما ولكن في أي شطر منها؟ جدة.. فرحت بالاثنين.. لكنها حتما في هذا المساء ستختار واحدا. سنكتب مع صافرة النهاية (جدة كذا.... وبحر).