بعد أن سمعنا شيلات بأسماء كوارث طبيعية، حفظنا الله وإياكم من كل شر، قد لا نستغرب حين نسمع شيلة باسم (إيرما) نسبة للإعصار الأعنف على مستوى الأرض.. في زمن أصبح العبث فيه بذائقة الأطفال واضحًا إلى أن أصبحوا أكثر عنفًا وأقل حياءً بسبب شيلات الفزعة والمراجل «المبالغ فيها» إلى حدٍّ كبير. ففي سنوات مضت، كنا نبحث عن الشعر في مطبوعاته (بلا شيلاتكم وهياطكم) وكأننا على موعد معه، وكنا نطير فرحًا عند وصول الموزعين، فكنا ننتظر حتى الصباح بلا نوم من أجل الحصول على المطبوعة قبل نفادها؛ حبًّا في الشعر، أما الآن فقد أصبح الشعر يلاحقنا ونحن نهرب منه خوفًا عليه وعلى أنفسنا من أن نسمع أن شيلات كإعصار (إيرما) ستجتاح الكون وتزلزلنا وتسحق كل مَن يقف أمامها، فنسأل الله اللطف بنا وبالبشر من هذا الإعصار ومن هذا العنف الصوتي ونحن والحمد لله ننعم بدولة أمن وأمان ومحبة وسلام، فلماذا نُعيد هذه النعرات والفلاشات الكاذبة التي أكل عليها الدهر وشرب. اتمنى أن يعود دور الشعر الشعبي إلى سابقه ليمنع هذه الأصوات من الظهور وأن يُعيدوا لنا مشاعرنا وشعرنا الذي أبعدوه. رحم الله الشاعر الكبير مساعد الرشيدي عندما قال: ما قلت لك عمر سيف العشق ما يقتلك ما تشوفني حي قدامك وأنا أموت فيك أو كما قال الكثير من الشعراء الرائعين الذين إذا ذكرتهم قد تطول الحكاية، أعيدوا لنا شعرنا وخذونا إلى فضاء أوسع وخيال خصب، فالأدب الشعبي ما زال جميلًا، وهناك شعراء ما زالوا يتدفقون شعرًا وشعورًا.. أسكتوا أباطرة الشيلات المدوّية فقط، فبعض الشيلات جميلة.. ومنشدوها أجمل حتى لا نظلم أحدًا. ودمتم بود.