اكتظت القنوات الشعبية بالكثير من المسابقات الموجهة للشعر الشعبي والتي لاقت في بدايتها إقبالا كبيرا ثم سرعان ما تحولت نظرة المتلقي عن هذا النوع من البرامج عقب أن أصبح هدفها ربحيا فقط بعيدا عن الاهتمام بمضمون تلك المسابقات أو أحقية المتوجين بها. أصيب المتلقي بالملل من التكرار في الطرح والاعتماد على المال كهدف أساسي وتهميش المتميزين بحجة «ندرة التصويت» أو عدم استجابة قبيلة الشاعر لدعمه، كما يسمونها بأصواتهم ومراسلة تلك القنوات المهتمة بالربح قبل الذائقة الشعرية أو الأدبية، وهذا سيضع اسم الشاعر ومكانته الشعرية في خطر الإبعاد عن منصات التتويج المحاطة بعنصري الربح والخسارة، فإن كنت مادة مربحة شارك وستكون أحد الحاصلين على الثناء والمديح والجائزة حتى لو كنت فارغا على المستوى الشعري، أما لو كنت شاعرا حقيقيا وتملك موهبة عظيمة ولكنك تفتقد لدعم المصوتين ولا تجيد «الهياط» والتزلف لدى طويلي الأعمار فأنصحك بحفظ ماء وجهك وعدم المشاركة في تلك البرامج لأنك ستكون الأخير! تلك هي سياسة الربح التي فرضها المستثمر فهو لا يريد أن تخسر قناته ويصبح من أصحاب «الملاليم» كما أنه لا ذنب له أن فلانا غامر بشعره وشهرته وزج باسمه في أحد تلك البرامج، الرجل «عداه العيب»، كان واضحا مع الجميع بوضع لافتة كتب عليها «صوت تصل». والذي يهمنا هو ما وصل إليه الشعر الشعبي بسبب بعض القنوات التي تعتمد على بهرجة المربح لتتوجه رابحا حتى وإن كان ذلك على حساب الشعر. ولكن هل سيستمر الوضع طويلا أم سينتهي زمن المسابقات الشعرية ونجد ما هو أكثر ربحية باسم الشعر؟ ما زلنا ننتظر من يسمو بهذا النوع الأدبي الجميل بعيدا عما يشوه جمالياته وعذوبته ويعيد له هيبته ووهجه التي لوثتها مسابقات الفزعة و«الهياط» على حساب صدق التعبير عن المشاعر وتمثيل المجتمع ونقل همومه ومتطلباته بقوالب شعرية مقربة للنفس وموصلة للهدف المنشود. مسكين أنت أيها الشعر كلهم يتسلقون المرتفعات على أكتافك.. يا لك من صديق وفي!!. * شاعرة وإعلامية سعودية