حول الحوثيون شوارع العاصمة اليمنية إلى ما تشبه عاصمة ولاية الفقيه، وظهرت صنعاء بمرجعية إيرانية، بعدما ملأت شوارعها آلاف اللافتات والشعارات إيذاناً بما يسمى «عيد الغدير» الذي كان إحياؤه بشكل علني محظوراً قبل الانقلاب الحوثي على الدولة اليمنية. ويحتفل الحوثيون بهذه المناسبة في ظل توترات غير مسبوقة تشهدها صنعاء بينهم وحليفهم حزب المؤتمرالذي يرأسه المخلوع صالح والتي ترتكز حول عدة قضايا في مقدمتها سعي الجماعة الحوثية لتغيير البنية المذهبية والعقائدية في اليمن والتي سادها التعايش على مدى قرون طويلة بين المذهبين الرئيسيين في البلاد الشافعي والزيدي. وتبادل ناشطون يمنيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عشرات من صور الشعارات واللافتات التي غطت شوارع صنعاء في ذكرى ما يوصف بيوم الولاية والذي يعتبره بعض المراقبين محاولة صريحة لإعلان ثقافة الإقصاء التي انتهجها الحوثيون منذ انقلابهم على الشرعية في سبتمبر 2014 وتقديم أنفسهم كخيار إلهي وليس طرفاً سياسياً. وبدأت جماعة الحوثي في الترويج لاحتفالية «الغدير» هذا العام عن طريق نشر وتوزيع المطبوعات الحائطية، والتي علقت على عدد من شوارع العاصمة صنعاء، وركزت في معظمهما على مفهوم «الولاية» وحق جماعة الحوثي المزعوم بالحكم. من جانبهم أبدى المؤتمريون استياء متعاظماً من هذه الفعالية، خاصة وأنها تجيء بعد نحو أسبوعين من محاولة حوثية مستميتة لإفساد فعالية الاحتفاء بالذكرى ال35 لتأسيس الحزب في ميدان السبعين، وخلفت إثرها توتراً ملتهباً بين شريكي الانقلاب. وقال فتحي الباشا (أحد كتبة الحزب) معلقاً: «بدلا من العمل على احتواء تبعات الأزمة الأخيرة وتقديم ضمانات للقوى السياسية وللناس والمجتمع فيما يتعلق بالمستقبل، يذهب الحوثيون لإحياء مناسبة خاصة بما يسمونه عيد الولاية، متناسين أنهم قادوا كل تلك الحملة السياسية، الإعلامية، العسكرية على المؤتمر وقيادته، تحت شعار: «اقتحامات لا انتخابات». وأضاف: لماذا هذا التمادي في التحدي والاستفزاز؟.. وأين تبخرت كل تلك التنظيرات حول أولوية الجبهات على ما عداها؟، أم أن الحوثيين يتبعون شعار (حلال لنا.. حرام على غيرنا)؟!. فيما قال معلق آخر: حقهم حق.. وحق المؤتمر (مرق)!. وفي السياق، طالب إعلامي حوثي بارز بتحويل اللجان الشعبية التابعة للجماعة إلى حرس ثوري «على غرار قوات الحرس الثوري الإيرانية التي تدافع عما يسمى ولاية الفقيه». وقال أحمد عبدالكريم الحوثي: من المفترض تحويل اللجان الشعبية إلى حرس ثوري، طالما أنها انبثقت عن ثورة الحادي عشر من سبتمبر، هذا اقتراح وأعتقد هناك من يوافق عليه». ويسعى الحوثيون من خلال عدة مجالات إلى تكوين قوة عسكرية طائفية في اليمن، حيث يلزم الحوثيون كافة المنتسبين إلى جبهاتهم بأخذ دورات ثقافية تمتد لقرابة شهر، يتم خلالها شحن أفكار العناصر بملازم زعيم الجماعة السابق «حسين الحوثي». يذكر أن علاقة الحوثيين مع إيران انتقلت من السر إلى العلن ما إن سيطر المتمردون على العاصمة صنعاء بتواطؤ من حليفهم المخلوع صالح والقوات التابعة له، لمواجهة الضغوط الدولية والعزلة التي فرضت على الانقلابيين ليجدوا في طهران المنفذ الوحيد. وشكل توقيع القيادي الحوثي صالح الصماد مستشار الرئيس هادي آنذاك سلسلة من الاتفاقات مع إيران نقطة تحول في علاقة الحوثيين بطهران التي سعت لتسهيل دخول عناصر من الحرس الثوري الإيراني إلى صنعاء، عبر استحداث خط نقل جوي مباشر من 14 رحلة أسبوعياً بين عاصمتي البلدين. وسهلت هذه الرحلات من تنقل الوفود الحوثية والإيرانية بين البلدين، ليتنامى نفوذ إيران في اليمن، معتقدة أنها أصبحت قريبة من حلمها بالسيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي، وهو ما أكدته تصريحات مسؤولين إيرانيين أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي تقع في أيدي طهران. وبددت عاصفة الحزم -التي أطلقتها دول التحالف بقيادة المملكة قبل عامين- هذا الحلم لدعم الحكومة الشرعية في اليمن والتصدي للمحاولات الإيرانية للتمدد في المنطقة وزعزعة أمنها واستقرارها.