ظهرت العاصمة اليمنية صنعاء بمرجعية إيرانية، واكتست شوارعها بالآلاف من اللافتات والشعارات إيذاناً بموعد "عيد الغدير" الذي كان إحياؤه بشكل علني محظوراً في عهد المخلوع علي عبدالله صالح. وتأتي هذه المناسبة في ظل توترات غير مسبوقة تشهدها صنعاء بين الحوثيين وحليفهم المؤتمر الشعبي العام والتي ترتكز حول عدة قضايا في مقدمتها سعي الجماعة الحوثية لتغيير البنية المذهبية والعقائدية في اليمن والتي سادها التعايش على مدى قرون طويلة بين المذهبين الرئيسيين في البلاد الشافعي والزيدي. وتبادل ناشطون يمنيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي العشرات من صور الشعارات واللافتات التي عمّت شوارع صنعاء في ذكرى ما يوصف بيوم الولاية والذي يعتبره بعض المراقبين محاولة صريحة لتأصيل ثقافة الإقصاء التي انتهجها الحوثيون منذ انقلابهم في سبتمبر 2014 وتقديم أنفسهم كخيار إلهي وليس طرفاً سياسياً. الحوثي ونصرالله وقال الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي، في تصريح لصحيفة العرب اللندنية إن تأثير إيران على جماعة الحوثي كبير جداً، وبالأخص من الناحية الثقافية والفكرية، إضافة إلى الشعارات السياسية، فالحركة وقائدها يقومان بتقليد المدرسة الإيرانية في كل شيء، حتى أثناء الخطابة، حيث نلاحظ أن عبدالملك الحوثي يجتهد ليقلد أمين عام حزب الله حسن نصرالله. وتابع البخيتي، وهو قيادي حوثي سابق، أن "التأثير الإيراني يبدو للوهلة الأولى من شعار الحوثيين، أو ما يسمى عندهم الصرخة، فهي مستنسخة حرفياً من شعارات ثورة الخميني، كما أن ألوان الصرخة عند كتابتها هي نفسها ألوان العلم الإيراني. ولفت البخيتي إلى أن التأثير الإيراني امتد إلى الضريح الذي بناه الحوثيون لمؤسس الحركة بدرالدين الحوثي، حيث أنه نسخة من أضرحة قُم ومشهد في إيران، وظهر نشازاً في صعدة ولا صلة له بالفن المعماري للأضرحة الزيدية المعروفة منذ قرون طويلة والمطابقة للفن المعماري اليمني. استنساخ علني وحول التأثير الإيراني على الخطاب السياسي الحوثي ومفرداته، قال البخيتي إن الحوثيين يستنسخونه من الخطاب السياسي الإيراني وما يصدر من وسائل إعلام حزب الله اللبناني"، محذراً من "ضياع الهوية اليمنية في مجالات كثيرة إذا ما استمرت الحركة الحوثية في ترسيخ تلك الثقافة المستوردة في المناطق التي تحت سيطرتها. واعتبر المحلل السياسي اليمني فيصل المجيدي، أن انتشار المظاهر الإيرانية من قبل الحوثيين يؤكد أن منهج الجماعة متصل تماماً بأجندة المموّل والمخطّط لاستيلائهم على السلطة في صنعاء والمناطق الواقعة تحت أيديهم. وأوضح المجيدي أن الحوثيين لم يعودوا يخشون أن يصفهم أحد بالارتهان لإيران، وهي بالمثل تعتبر أن الحوثيين أخلص لها من كل أذرعها في المنطقة فهم يقدّمون خدمة مجانية لها بنشر شعاراتها وأفكارها ويتدرّجون في فرض تلك الأفكار في المناهج الدراسية. تغيير المعالم اليمنية وتعددت صور ومظاهر الجهود الحوثية لتغيير المعالم الثقافية والعقائدية في العاصمة اليمنية وبقية المدن التي ما تزال تحت سيطرتهم، ومن ذلك انتشار الشعارات الإيرانية المستوردة على صعيدي الشكل والمحتوى. وشهد تحالف الحوثيين وصالح خلافات عاصفة خرجت للعلن على خلفية رفض حزب صالح للخطوات المتسارعة التي أقدم عليها الحوثيون في الآونة الأخيرة وتركّزت حول تغيير المناهج التعليمية وإعطائها طابعاً طائفياً مستلهماً من شعارات الثورة الإيرانية وصولاً إلى تغيير تركيبة الجيش اليمني وتحويله إلى جيش عقائدي على غرار الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله. ويحرص الحوثيون على الاحتفال بمناسبات إيرانية المنشأ لم يعرفها اليمنيون من قبل، بعضها ديني والآخر سياسي مثل "عاشوراء" و"يوم القدس العالمي" و"يوم الولاية" والعديد من الفعاليات الأخرى التي عادة ما تثير موجة من الجدل والصدامات في الشارع اليمني، وتترافق مع مظاهر وطقوس غير معهودة في اليمن. حوثنة المجتمع ويقول مدير المرصد الإعلامي اليمني همدان العليي في تصريح للصحيفة، إن "استراتيجية الحوثيين الرامية لتطييف المجتمع اليمني و"حوثنته" حتى يكون نسخة من فكرهم المستورد تجري على قدم وساق، وإن عملية نشر اللافتات التي تتحدث عن تفاصيل دينية مثل "الولاية" لم تكن موجودة في المجتمع اليمني من قبل وهي تتم الآن وفق عملية ممنهجة وقد تنجح إذا لم توجد جهود حقيقية لمواجهة هذه الإجراءات. وأوضح العليي أن هناك عدة مظاهر ينشط فيها الحوثيون من أجل تحقيق أهدافهم الطائفية ومنها استخدام المنابر في المساجد والمنصّات الثقافية وتغيير عقيدة الجيش وتغيير المناهج الدراسية والتأثير في التعليم الجامعي.