في زمن صار فيه كل من هبّ ودبّ يرصّع اسمه بلقب «فنان/ فنانة تشكيلي/ة» باسم «الحداثة» و«ما بعد الحداثة»، يأتي فن حنان باحمدان ليؤكد على التشكيل الأصيل. ولكونها خريجة أكاديمية لفن التصوير التشكيلي في لندن، تأتي أعمالها كفنانة بورتريه محترفة لتعيد تقاليد المعلمين الكبار في هذا الفن الذي يكاد يُنسى لطغيان مدّ صدى «الحداثة» و«ما بعد الحداثة» الوافد إلينا من الغرب. ترسم الفنانة باحمدان بورتريهات الأشخاص المهمشين والذين يغشى عيونهم الحزن ما يدل على تاريخهم التراجيدي الذي تفضحه عيونهم المليئة بالقصص المخبأة في أرواحهم المتعبة. من ذلك يمكن أن نقول إن الفنانة باحمدان فنانة تعبيرية لأن الوجه البشري هو مخزن التعبير الانساني العميق. وربما تكون لوحتها الشهيرة «العم منسي» التي بيعت في مزاد سوثبي بثلاثة اضعاف ثمنها المقدر عام 2007 أفضل مثال على اشتغال الفنانة على فن البورتريه. وهو بورتريه لمزارع يعمل لدى اهل الفنانة وجدت في وجهه المليء بالتعبير والحزن الكامن في عينيه ما تريد الفنانة ان تعبر عنه. تمثل اللوحة البؤس الإنساني نتيجة الحاجة والخوف من الحاجة في المستقبل المجهول. ينم الرسم في اللوحة عن مقدرة كبيرة في التقاط الخطوط القوية في الوجه البشري وخاصة الوجنتين حيث تبرز عظام الجمجمة والانخفاض تحت الوجنتين على ما يبدو كفهم عميق لتشريح الوجه من قبل الفنانة. إنه بورتريه يعبر بقوة عن الحزن والوحدة وضيق الحياة في نظر المهمشين والفقراء والمساكين. ولا تشذ بقية البورتريهات التي تبدعها الفنانة عن ذلك بل تؤكد هذه الرؤية الانسانية العميقة لدى الفنانة. وترسم الفنانة الطبيعة الصامتة كتصوير الزهور والورود وخاصة الذابلة لتترافق مع رؤيتها للإنسان في مرحلة الذبول في حياته. وتصور الفاكهة المتدحرجة كحبات مسبحة انفرط عقدها. وتلفت النظر لوحاتها لصورة الفنانة بريشتها حيث تختلف القيم اللونية عما اعتادت عليه الفنانة من ألوان هادئة تميل الى الرماديات في حين تغلب الألوان الهادئة بل الباهتة غير الصارخة والتي تناسب الجو التعبيري الذي تشتغل عليه الفنانة عادة، وتجيد الفنانة باحترافية التقاط خطوط القوة في الشكل البشري. وتميل الفنانة إلى التكوين القوي الراسخ حيث يحتل الموتيف او الموتيفات وسط الفراغ التصويري بشكل متماسك مع فهم عميق للمستويات المتقدمة والمستويات المتراجعة في الاغلب يكون هناك ثلاثة مستويات يكون التكوين الاساسي في المستوى المتقدم الاول. ولوحة «العم منسي» مثال جيد على ذلك فالشكل البشري يقع في المستوى المتقدم الاول بينما يقع الكرسي في المستوي الثاني وتكون الخلفية في المستوى الثالث المتراجع. لا شك أن تجربة الفنانة المبدعة حنان باحمدان من التجارب الهامة في المحترف التشكيلي السعودي في مجال البورتريه. وتجربتها تؤكد منهج المعلمين الأساتذة الكبار في تاريخ الفن وخصوصاً في فن البورتريه التشكيلي الذي يؤكد القيم التعبيرية الغنية للتجربة الانسانية العميقة. ومن المأمول أن تُغني الفنانة تجربتها باستخدام الألوان القوية على الأقل في لمسات مضيئة من الألوان الرئيسية كالأحمر والأزرق والأصفر ومشتقاتها. لوحة العم منسي