يمارس الشركاء والمساهمون حقهم في حماية الشركة من خلال الرقابة على أعمال إدارة الشركة عن طريق الجمعية العمومية التي تُعقد في أوقات محددة وهي التي تسمى عند المختصين بصاحبة السيادة والسلطة العليا في الشركة. وكذلك يمارسون هذا الحق من خلال الاطلاع المباشر على ما كفل لهم النظام والقانون حق الاطلاع عليه. وكلُّ ذلك يصب في هدف حماية الشركة من وقوع أي اعتداء أو جناية عليها من قبل مسيّري الشركة والأطراف ذات العلاقة معهم. ونظراً لأهمية هذه الحماية فإننا سنتناول الحديث عنها من خلال سلسلة من المقالات، سيكون حظ هذه المقالة منها هو الجمعية العامة العادية ودورها في هذه الحماية. وهناك نوعان من الجمعيات العامة المقررة للشركاء والمساهمين يمارسون من خلالها حقهم في حماية الشركة عن طريق سلطة الرقابة المخولة لهم على مسيّري الشركة، حمايةً للشركة من أي تجاوزات منهم -جنائية أو مدنية- تضر بصالحها، وهاتان الجمعيتان هما: 1- الجمعية العامة العادية وهي التي تجتمع على الأقل مرة كل سنة. 2- الجمعية العامة غير العادية وهي التي تجتمع كلما دعت لذلك الحاجة مثل حالة تعديل نظام الشركة. ولكلٍ من هاتين الجمعيتين دورهما في حماية الشركة من خلال مهام تخصهما يمارسون من خلالها الرقابة الواجبة على مسيّري الشركة، وسنسلط الضوء في هذا المقال -كما ذكرنا- بصورة مختصرة على مهام واختصاصات الجمعية العادية. نصت المادة (87) من نظام الشركات السعودي على اختصاصات الجمعية العامة بما يلي: «فيما عدا الأمور التي تختص بها الجمعية العامة غير العادية، تختص الجمعية العامة العادية بجميع الأمور المتعلقة بالشركة وتنعقد مرة على الأقل في السنة خلال الأشهر الستة التالية لانتهاء السنة المالية للشركة، ويجوز دعوة جمعيات عامة عادية أخرى كلما دعت الحاجة إلى ذلك». وهذا النص مطابق لنص النظام القديم (المنتهي في عام 1437ه) والذي سبق أن أبديت انتقادي له سابقاً لوزارة التجارة، حيث إننا بمقارنة الاختصاصات الموكلة الى الجمعية العامة العادية في نص هذه المادة مع بعض الأنظمة العربية الحديثة نجد أن المنظم السعودي لم ينص بشكل واضح وصريح على اختصاصات الجمعية العامة العادية وفق نقاط محددة كما هو الحال في تلك الأنظمة والتي جاءت بما هو الأكمل في هذا المقام وهو التعداد والبيان، بل نص المنظم السعودي على هذه الاختصاصات بصياغة عامة وهي جميع الأمور المتعلقة بالشركة والتي جاءت بعض المواد الأخرى على ذكرها في ثنايا نصوصها، ولعل المنظم السعودي يبادر إلى تفصيل ذكر هذه الاختصاصات في مواد مخصصة لذلك في اللائحة التنفيذية المأمول إصدارها لنظام الشركات الحالي (صادر عام 1437ه) مع العلم بأن نظام الشركات القديم بقي منذ صدوره عام 1385ه إلى انتهائه عام 1437ه (52 سنة) دون لائحة تنفيذية له وهذا مسلكٌ غير محمودٍ في فن صياغة القوانين. وللتدليل على ما ذكرته عن بعض الأنظمة العربية المعاصرة فيمكن للقارئ الكريم الاطلاع على نص المادة (63) من قانون الشركات المصري (صادر عام 1999م) والذي اختص ببيان اختصاصات الجمعية العامة العادية ثم لم يكتفِ هذا القانون بذكر هذه المادة بل أعقبها بتفصيل أكثر وأدق لهذه الاختصاصات في اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري حيث جاءت فيها المادة ( 217) متضمنةً ستةً وعشرين بنداً توضح جميع اختصاصات الجمعية العامة العادية والتي تركزت في أربعة مجالات وفق التالي: 1- اختصاصات متعلقة بمجلس الإدارة، أفردتها في 9 بنود. 2- اختصاصات متعلقة بالمسائل المالية، أفردتها في 9 بنود. 3- اختصاصات متعلقة بمراقب الحسابات، أفردتها في 3 بنود. 4- اختصاصات متعلقة بتصفية الشركة، أفردتها في 5 بنود. ومن المناسب هنا أن نأتي على تعليقٍ مختصرٍ لكل اختصاص من تلك الاختصاصات: أولاً: الاختصاصات المتعلقة بمجلس الإدارة: خلاصتها أن الجمعية العامة تقوم باختيار أعضاء مجلس الإدارة؛ ليكونوا وكلاء عن المساهمين في إدارة أمور الشركة. وكذلك تقوم بتحديد مكافآتهم وبدلاتهم ورواتبهم وكذلك لها الحق في عزل أعضاء مجلس الإدارة، ولو لم يكن قرار العزل هذا واردا في جدول الأعمال. ولا مانع أن نشير هنا إلى أن التصويت على تعيين أعضاء مجلس الإدارة قد يتم التلاعب به وفق تكتلات أعضاء المجلس السابقين وكبار المساهمين لكي لا يدخل مجلس الإدارة من لا يعرفونه مما قد يعرقلهم في قراراتهم التي يتخذونها ولا ينصاع لأمرهم في تمرير ما يريدونه، ويتم ذلك وفق طرق لا يسع المجال هنا لذكرها أو ذكر طرق معالجتها. وللجمعية العامة كذلك أن تتصدى لأي عمل من أعمال مجلس الإدارة، وذلك في حالة عجز مجلس الإدارة عن البت في هذا العمل بسبب عدم اكتمال النصاب، ولها كذلك أن تصادق على تقرير مجلس الإدارة عن نشاط الشركة أو أي عمل يصدر عن مجلس الإدارة كما يكون من حقها أن تقوم بإصدار التوصيات عن الأعمال التي تدخل في اختصاص مجلس الإدارة. ثانياً: الاختصاصات المتعلقة بالمسائل المالية: يمكن إجمالها في: وقف تجنيب الاحتياطي القانوني اذا بلغ ما يساوى نصف رأس المال المصدر. تكوين احتياطيات أخرى غير الاحتياطي النظامي والاحتياطي الاتفاقي. استخدام الاحتياطي الاتفاقي فيما يعود بالنفع على الشركة أو على المساهمين إذا لم يكن هذا الاحتياطي مخصصاً لأغراض معينة. التصرف في الاحتياطيات والمخصصات في غير الأبواب المخصصة لها. الموافقة على توزيع نسبة من الأرباح الصافية التي تحققها الشركة نتيجة بيع أصل من الأصول الثابتة أو التعويض عنه. الترخيص لمجلس الإدارة بالتبرع وفق قيمة محددة. ثالثاً: الاختصاصات المتعلقة بمراقب الحسابات: وخلاصتها أن الجمعية العامة تختص بالنظر في تقرير مراقب الحسابات، وهي كذلك التي تقوم بتعيينه وتحديد أتعابه وأيضاً عزله لأسباب منطقية، ويُضاف لذلك أيضاً حق إقامة دعوى المسؤولية على مراقب الحسابات. رابعاً: الاختصاصات المتعلقة بتصفية الشركة: يمكن إجمالها في: 1- تعيين المصفين وتحديد أتعابهم وعزلهم. 2- مد المدة المقررة للتصفية بعد الاطلاع على تقرير المصفي. 3- النظر في الحساب المؤقت الذى يقدمه المصفي كل فترة زمنية. 4- التصديق على الحساب الختامي لأعمال التصفية. وختاماً، فإنه مما سبق سرده من هذه الاختصاصات والمهام، يتبيّن لنا أنها أعطت لهذه الجمعية العامة العادية الممثلة للمساهمين رقابة واسعة تنبسط على الشركة أثناء تشغيلها وتمتد حتى بعد انقضائها ودخولها مرحلة التصفية.