«كل ما استطاعت أسرتي متواضعة الحال أن تقدمه لي أن ألحقتني ب«كتاب القرية» عندما بلغت سن الثالثة من عمري ومنها بدأت في حفظ القرآن وتعاليم الدين، التي كانت كافية لمعرفة الحلال والحرام والانطلاق في عالم المال والتجارة». هذه الكلمات للحاج محمود العربي أو شاهبندر التجار المصريين كما يطلق عليه، توفي والده وهو في سن صغير وعمل بائعا في محل لبيع الأدوات المكتبية وعمره لم يتجاوز العاشرة وقبلها كان يبيع الألعاب النارية والبالونات لأقرانه من أمام باب منزله في محافظة المنوفية قبل أن ينتقل للعمل في القاهرة، ذهب ليبحث عن لقمة عيشه من خلال وظيفة تلبي احتياجاته وصل القاهرة وهو قليل الخبرة، متعثر الخطى، لا يملك شيئا غير الأحلام والقناعة بأن رزقه مكتوب. محمود العربي عمل العربي في مصنع روائح وعطور في العام 1942 ولم يستمر به لأكثر من شهر بسبب كرهه العمل في الاماكن المغلقة، لينتقل لأحد محلات البيع بالتجزئة بحي الحسين وكان راتبه 120 قرشا في الشهر واستمر في هذا المحل حتى عام 1949 ووصل راتبه إلى 320 قرشا، بعدها فضل العمل في محل جملة لتنمية خبرته بالتجارة وكان أول راتب يتقاضاه في المحل الجديد 4 جنيهات وعمل فيه لمدة 15 عاما ارتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيها وكان مبلغا كبيرا آنذاك حيث تمكن من دفع تكاليف الزواج والاستقرار، وكانت أولى ثمرات هذا الاستقرار في العام 1963م، حيث سعى العربي للاستقلال بنفسه في التجارة لكن لم يكن لديه ما يبدأ به ففكر هو وزميل له بنفس العمل أن يتشاركا مع شخص ثري على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة الموسكي بالقاهرة والذي ما زال محتفظا به حتى الآن، يقول الحاج محمود إن احتفاظه بهذا المحل لأنه بداية البركة في الرزق، وبالفعل كان هذا الدكان أو المحل نقطة انطلاق ومفترق طرق حتى استقل بذاته العربي وأصبح يمتلك كيانا تجاريا مستقلا بذاته، ثم أنشأ مصنعا صغيرا للألوان والأحبار وبعد ذلك قرر تحويل عمله من مجال تجارة الأدوات المكتبية إلى تجارة وصناعة الأجهزة الكهربائية وذهب الى اليابان وحصل على وكالة لأحد أشهر الشركات الكبرى في مجال صناعة الالكترونيات والاجهزة خاصة أجهزة التليفزيون والراديو والكاسيت، ومن خلال هذه الشراكة حول منتجات هذه الشركة إلى منتجات تصنع في مصر، حيث افتتح مصنعا كبيرا لتصنيع هذه الاجهزة بدلا من الاكتفاء بتسويقها. وبالرغم من كل ما حققه العصامي محمود العربي إلا أنه ما زال يحمل هدفا اعتبره من أهم أهدافه في إحدى مقابلاته الاعلامية، حيث يهدف أن يرتفع عدد العاملين في مصانعه من 21 ألف عامل كما هي عليه الآن إلى 180 ألف عامل أسوة بحجم العمالة لدى شركة توشيبا العالمية والتي يعمل وكيلا مصنعا لها في مصر منذ سنوات طويلة.