نجح بعض الشباب السعودي في تجاوز التفكير المجتمعي المحدود لوظيفة حكومية او أهلية، وتجاوزوا عقبة الإحباط التي كثيراً ما تعترض طريق الشباب لانتظار فرص تطرق أبوابهم، أو لخوفهم من الفشل الذي يلازم محبي الأعمال التجارية والمشاريع الصغيرة، انطلقوا رغم الصعاب النفسية والاجتماعية والعملية بحيوية مفعمة بالأمل ورجاء بالتوفيق من الخالق منهم على سبيل المثال: عبد العزيز الشمري ومشروع صيانة وفحص السيارات: من الكوادر الشابة السعودية الطموحة عمل في مجال الميكانيكا في شركة الحاج حسين رضا، كمساعد ميكانيكي بعد تخرجه من كلية التقنية، إلى أن أصبح مشرفا على قسم الصيانة فيها، بعد مرور خمس سنوات من الخبرة في مجال عمله تقدم على الصندوق وتم قبول طلبه ومساعدته ليحقق مشروع عمره، حيث تم دعمه من قبل صندوق المئوية برأسمال 156225 ريالاً في منطقة حائل ومشروعه مختص بصيانة وفحص السيارات، يقدم فيه خدمات الصيانة والفحص لجميع أنواع السيارات. سامي محمد الزهراني ومركز ( ياسا للتقنية): كان يحب الحاسب الآلي والالكترونيات ويعمل على إصلاح وصيانة أجهزة بعض الجيران والزملاء داخل غرفته الصغيرة بالمنزل، ويقوم بعمل بعض البرمجيات الخاصة من خلال تجاربه المتكررة. عمل بمحلات الأجهزة الالكترونية لمدة أربع سنوات براتب لا يتجاوز 2000 ريال واكتسب خبرة كبيرة وتمنى امتلاك مشروع خاص به، رغم أن المال كان عائقاً لتحقيق ذلك الا انه لم ييأس، قدم على احد صناديق عبد اللطيف جميل فتم دعمه ومنحه قرضا حسنا بمبلغ 100000 ألف، بدأ بتجهيز مركز ( ياسا للتقنية ) بأحد المجمعات التجارية وحظي المشروع بنجاح جعله يفتتح قسما لتدريب الشباب على صيانة الحاسب والبرمجيات، ومتوسط دخله الشهري من 4000- 6000 ألف ريال أرباح، يتمنى سامي أن يقوم بعمل صندوق مماثل لصندوق عبد اللطيف جميل لدعم المشاريع الصغيرة، ومساعدة الشباب الطموح. أحمد المكرمي ومشروع التصوير الاحترافي والطباعة: الشاب أحمد المكرمي (28) عاماً متزوج من منطقة نجران، عمل في إدارة محل تصوير حفلات، لم يتردد عمار في تحقيق هدفه بممارسة التجارة والأعمال الحرة، فقدم طلب تمويل المشاريع (صندوق المئوية)، لينفذ مشروع في مجال (التصوير)، تم دعم مشروعه التصوير الاحترافي والطباعة على (الفوتو بلاك) و(الفوم بورد) وجميع أنواع الورق (ذهبي وفضي)، وكذلك الطباعة على (الساتان) والجلد وغيرها من المواد المستخدمة، إضافة ًإلى إنشاء مصنع خاص بإطارات الصور (البراويز)، إضافة الى قسم خاص لتجهيز الحفلات بشكل عام. مشروعه الآن بدأ مرحلة الإنتاج والربح المادي، وهو يفكر في توسيع أعماله حسب قدراته المالية، وخطته المستقبلية الاستراتيجية تتركز في فتح فروع في عددٍ من مناطق المملكة. ويبقى لنا التعلم من مدرسة التجارب الواقعية لمن حققوا آمالهم وطموحاتهم قبلنا، ونفعوا بلادهم وشبابنا، رفعوا هاماتهم عالياً وطنياً وعالمياً، قصص وشخصيات كثيرة ومميزة يعجز القلم عن وصف نجاحاتها، تحلت بالصبر والكفاح والأمانة فوصلت بتوفيق من الله الى المليون الأول ثم الملايين بل المليارات.... من هذه القصص المميزة لبعض الناجحين في واقعنا الذي نعيشه شخصيات كثيرة لا نستطيع حصرها او حصر انجازاتها نختار من أبرزها وممن سار بخطوات ثابتة وقوية وحمل شعار الصدق والأمانة والإخلاص والتميز والعمل الى أن حقق النجاح ومازال يحقق ذلك بفضل الله وتوفيقه، بدايتهم بالأعمال البسيطة جداً والتي قد لا تروق للبعض من الشباب، لكنها حقيقة أوصلت من عمل بها الى الاستثمار التجاري والعالمي فحققوا وظائف مميزة برواتب مفتوحة ثم مشاريع تجارية، الى أن وصلت أرصدتهم الى الملايين والمليارات والى مصاف أثرياء العالم، ووظفوا الآلاف من الشباب في مؤسساتهم التجارية حفظهم الله من كل شر وسخرهم للخير وللإسلام والمسلمين، ورزق شبابنا الهداية الى فنون التجارة ومفاتيحها والعمل بها، والاقتداء بهم. الشيخ سليمان عبد العزيز الراجحي: بدأ حياته العملية طباخاً وحمالاً، حملت قصة كفاحه التي استمرت قرابة 80 عاماً في عالم التجارة الكثير من الدروس التي ترسم الطريق لكل باحث عن النجاح. بدا الراجحي حياته العملية في العاشرة من عمره بتجارة "الكيروسين"، حيث لم تكن الكهرباء معروفة في ذلك الوقت، وكان "الكيروسين" يأتي من خارج المملكة في "تنكات" ثم تعبأ في قوارير، وكان يربح من هذه التجارة قرشا أو قرشا ونصف خلال اليومين، وعمل بعد ذلك حمّالاً مقابل نصف قرش في اليوم، وكان الريال في ذلك الوقت يساوي حوالي 22 قرشا، ثم انتقل ليعمل طباخا بإحدى الشركات التي كانت تعمل في مشاريع الدولة، لكنه لم يستمر طويلا، بسبب رفض الشركة زيادة راتبه أسوة بزملائه في العمل. وفي عام 1365ه، استقل الراجحي واختار محلاً صغيراً لتجارة "البقالة"، وكانت ثروته وقتها حوالي 400 ريال، وبعد ذلك بخمس سنوات بدأ العمل في مجال الصيرفة، فكان يبيع ويشتري العملات مع الحجاج، وكانت انطلاقته في عالم الاقتصاد عندما عينه أخوه صالح الراجحي موظفاً معه وكان راتبه في ذلك الوقت 1000 ريال. هذه قصة كفاح ونجاح الملياردير السعودي الشهير الشيخ سليمان الراجحي، الذي يحتل المرتبة ال107 عالميا في قائمة " فوربس" لأثرياء العالم، والمرتبة السابعة عربيا بثروة بلغت 8.4 مليارات دولار، واستطاع أن يبني إمبراطورية اقتصادية من خلال المشاريع التي طورها وجعلها من أفضل وأنجح المشاريع المتخصصة في نشاطها، ومنها "مصرف الراجحي" الذي يعد من أكبر الشركات المصرفية عربيا وعالميا، و"الشركة الوطنية للدواجن وإنتاج البيض"، التي تعتبر من أكبر مزارع الدواجن في العالم، وكذلك "مشروع تربية الأغنام" في الجوف، ومشروع "شركة الروبيان الوطنية" في الليث، وغيرها من المشروعات الكبرى. من أقواله: "إن رأس الإنسان هو كمبيوتر إذا ما استُخدم في التفكير الجاد والعمل الدؤوب، وقنوات العمل مفتوحة أمام الجميع تنتظر دخولها". " يجب على الإنسان أن يعتمد على الله أولاً ثم على نفسه.. وكذلك على الإنسان أن يعمل في أكثر من مهنة حتى إذا فشل في إحداها وجد الأخرى حتى يجد مهنة يحبها وتحبه ويبدع فيها, وحتى في الوظيفة يجب أن يحبها الإنسان حتى يستطيع أن يطور فيها ويعلّم نفسه". الشيخ عبد الرحمن بن علي الجريسي: عمل كمساعد بائع بعد إكمال الصف الخامس الابتدائي وهو في الرابعة عشرة من عمره بناء على رغبة عمه، عمل مع الشيخ عبدالعزيز النصار وهو من رجال الأعمال المعروفين في الرياض في ذلك الوقت، ولد الجريسي في عام 1932م في "رغبة" وهي قرية صغيرة من قرى نجد تقع على بعد حوالي 120 كلم شمال غرب الرياض، توفي والده وهو لا يزال رضيعا فتولى جده تربيته ثم عمه محمد. واجهته ظروف صعبة بمجرد توليه العمل بسب طول وقت دوام العمل، كما كان عليه أن يقوم بأداء أعمال إضافية غير مهامه الرئيسية كجلب الماء من بئر بعيدة إلى منزل التاجر الذي كان يعمل معه، وبدأ يشعر بالإجهاد والإحباط، وكان دوما يفكر في ترك العمل غير أنه سرعان ما يبعد هذه الفكرة من رأسه ويواصل عمله. استمر الجريسي لمدة 11 عاما كموظف مبتدئ وبسيط إلى أن انطلق بأولى مشاريعه التجارية من خلال تأسيس بيت الرياض، لتتوالى بعد ذلك المشاريع في مجال تجارة الأدوات المنزلية، ثم مجال تقنيات المكاتب وتجهيزها. من أقواله: "من بداية عملي كنت أنطلق من ثلاثة عناصر مهمة جداً وهي الأمانة في التعامل مع الصدق والإخلاص، والأمر الثاني هو العمل الجاد، حيث يجب أن يأخذ الإنسان العمل بجد ولا يأخذه على أساس أنه من الممكن أن يعمل اليوم ولا يعمل غداً أو يحضر إلى العمل اليوم وغدا ثم بعد ذلك الاستمرار في العمل بمعنى ألا يتعجل الإنسان في الأمور بل لا بد أن يعمل ويجتهد ويصبر ويستمر في هذا العمل. الى متى تبقى آمالنا أحلاماً نتغنى بها، وقيوداً نلتزم بها في عالم كلام بلا أفعال، والعالم يسير من حولنا بخطوات كبيرة وقفزات هائلة الى الأمام، ليصل الى التقدم السريع أفراد وجماعات ودول، ونحن في حسرة وانتظار للأمل المعقود على "وظيفة براتب - حكومية أو أهلية". دعونا نسير على طريق الناجحين، نستفيد من خبراتهم، فالفارق الوحيد بيننا وبينهم بدء العمل والانطلاق في الحياة الواسعة، وليبقى البحث مستمراً عن الوظيفة وجمع المليون وحسن الظن بالله أننا سنصل بتوفيق منه انه قادر على كل شيء. وصدق سبحانه وتعالى في قوله: (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) - سورة الزمر الآية:53 وقوله سبحانه وتعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) سورة الأنفال، الآية: 9