كان عُمْر بشار أسد خمس سنوات عندما أصبح والده حافظ أسد رئيسا لسوريا إثر انقلاب عسكري في العام 1971م، ولم يكن في الحسبان ان يصل الطفل الى السلطة لجملة اعتبارات منها ان الذي كان يُعد لخلافة الاب هو شقيقه الأكبر باسل، ولكن على أثر وفاة باسل، سُلطت أضواء الحزب والعائلة والدولة على بشار، وبدأ يترقى في سُلم الخدمة العسكرية بسرعة حتى تولى قيادة الجيش. كل هذه العمليات كانت تحدث على مرأى ومسمع السوريين، والعالم. العالم كان يتفرج على تمثيلية، والسوريون كانوا بلا حول، ولا قوة. عند رحيل حافظ خلفه الابن بشار في مسرحية لا تقل مأساوية ومرارة على السوريين حيث اختاره «حزب البعث العربي الاشتراكي» أميناً قُطْرياً، وفي الاول من يوليو أعلن عن انتخاب بشار رئيساً للجمهورية كما قيل في استفتاء شعبي!! هذه العملية صاحبتها مسرحية تعديل المادة 83 من الدستور والتي تقضي بأن يكون عمر الرئيس 40 عاماً، ولكن ما يسمى مجلس الشعب السوري اجتمع وقرر في دقائق أنه من الممكن أن تكون سن رئيس الجمهورية 34 سنة. أي سن بشار حينها. كان هذا وربما سيظل أسرع تعديل دستوري يصل به شخص إلى رئاسة دولة. السوريون أصبحوا في وضع لا يحسدون عليه، قمع وكذب وفقر وأخطر من ذلك بدأوا يشعرون أن النظام يعاملهم كخصم، وعدو لا شعب. وعندما طالب الناس بالحرية والاصلاح السياسي والاقتصادي ووقف هذه المهازل باسم الديمقراطية وحماية شرف الامة، ظهر النظام وقيادته بأبشع صورة واستخدموا السلاح والبراميل المتفجرة والغازات السامة لقتل الناس. غضب السوريين تحول مع كل هذه الادوات القمعية الى ثورة، واجهها النظام بالاستقواء بالروس، والايرانيين، وبالميليشيات الطائفية لقتل الاطفال والنساء أو تهجيرهم. المحيط الاقليمي بذل كل ما في وسعه لعمل شيء من اجل الناس في سوريا، ولكن كل جهود الاطراف الاقليمية بحاجة أكيدة الى وجود الاطراف الدولية الفاعلة لصياغة مخارج ملائمة للازمات الدولية. إلا ان الطرف الدولي للحقيقة ابدى ارتباكاً وترددا في مفاصل كثيرة أضر بموقف المعارضة التي واجهت جبروت النظام ومعاونيه في بعض فترات الصراع وهي مجردة تقريبا من السلاح. هذا الموقف الدولي الرجراج، والسلوك الاقليمي الضعيف ومواقف المعارضة السياسية التي سعى النظام بجدية لتشتيتها أشعرت النظام بثقة زائدة الى درجة ان يستخدم الاسلحة الكيماوية ضد الاطفال. بشار يحكم سوريا للفترة الرئاسية الثالثة التي بدأت في يونيو 2014م والتي حصل فيها كما تقول «المحكمة الدستورية العليا» والاعلام الرسمي السوري على 10 ملايين صوت، بنسبة 88.7 وبمشاركة من السوريين بلغت 73٪. بعد حادثة خنق الاطفال بالغازات الكيماوية، لم يعد للنظام ولا لقيادته الصورية ملجأ يتوارون خلفه، وحتى بإصرار الروس على بقائه، فإنهم يعلمون أنه كما وصفه مؤخرا وزير الخارجية البريطاني الذي قال: انه اصبح «ساما جداً» ويعرفون انه كما وصفه الرئيس الامريكي بانه «حيوان»، وأنا أفهم هنا هذا الوصف على أنه، أي بشار أسد، جاء بأفعال ضد الانسانية نقلته الى المرتبة التي اشار اليها الرئيس الامريكي، لا أحد يعرف إلى متى سيسوغ له المجتمع الدولي البقاء، ولكن من المؤكد أنه سيجد نفسه يوما زائدا عن حاجة الجميع، وربما يصف نفسه إذا قدر له البقاء بعد مغادرة دمشق بالفار الميت الملقى على قارعة الطريق كما كتب عن نفسه يوما محمد رضى بهلوي شاه إيران السابق الذي قضى في الحكم 40 عاماً.